صنع نبوخذنصّر (605-562 ق.م.)، أعظم ملك في إمبراطورية بابل، تمثالا من ذهب وأمر أن تعبده كافة شعوب الإمبراطورية: "عِنْدَمَا تَسْمَعُونَ صَوْتَ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالسِّنْطِيرِ وَالْمِزْمَارِ وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْعَزْفِ أَنْ تَخِرُّوا وَتَسْجُدُوا لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ. وَمَنْ لاَ يَخِرُّ وَيَسْجُدُ فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ يُلْقَى فِي وَسَطِ أَتُونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ" (دَانِيآلَ 3: 5-6). رفض ثلاث رجال يهود مؤمنين أن يتركوا الله الحي لعبادة تمثال. فأمر الملك بإلقائهم في أتون النار المتقدة. أنقذهم الله الحي من لهيب النيران المتقدة أحياءا بدون أي ضرر.
أحب هؤلاء الرجال الثلاثة الرب أكثر من الحياة نفسها. وذلك بحسب الوصية المقدسة القائلة: "فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ" (التَّثْنِيَةِ 6: 5). فلقد كان الرب مركز ومحور حياتهم. كان أهم لهم من شهرة، و مركز اجتماعي، وسلامتهم الشخصية. كانوا مستعدين أن يضحوا بحياتهم وتحترق أجسادهم في لهيب أتون النار حتى لا يخونوا الرب ولا يتركونه (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 20: 24).
كانوا يعلمون أن نَبُوخَذْنَصَّرُ هو الملك وأطاعوه في الشؤون المدنية: "لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِين الْفَائِقَةِ...،" "فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ" (رُومِيَةَ 13: 1، 7). رغم ذلك، كان ولاءهم الأقوى لملك الملوك ورب الأرباب—الإله الحقيقي الحي القدير. إذا حدث تناقض بين وصايا الله وقرارات السلطة المدنية، "...فيَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ؛" "...أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ" (أَعْمَالِ الرُّسُلِ 5: 29؛ مَتَّى 22: 21).
خرج هؤلاء الرجال من أتون النار المتقدة وقد انحلت قيودهم عندما طلب الملك منهم ذلك. لم تؤذيهم النار في شيء. فلم تحترق ملابسهم وأجسادهم. فقد أنقذهم الإله الحي الحقيقي القادر على كل شيء الذي أحبوه وعبدوه من لهيب الأتون المتقد.
عندما رأى الملك نَبُوخَذْنَصَّرُ قوة الإله الحي القدير، اعترف به ومجده. ثم أصدر أمرا بإعدام أي شخص يجدف على إله بني إسرائيل وتدمير بيته. ترينا هذه المعجزة قوة وسلطان الإله الحي الحقيقي على إمبراطورية بابل في أوج مجدها بعد سبي بني إسرائيل إلى بابل.