منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 - 12 - 2012, 11:33 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,992

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: عـبد يغـدر بمولاه للراهب كاراس المحرقي

نهاية الخائن

ويعود يهوذا إلى بيته بعد أن قضى النهار أنفاسه، وغابت الشمس تاركة قُبلة صفراء على الأشجار، فشعر بأنَّ الأفاعي تتدلى من سقف بيته، وتخرج الحيات من شقوق جدرانه لتلف بذيلها الطويل السام عنقه، لقد سكنت الحركة فى كل زوايا البيت، ولم يبقَ سوى دبيب الحشرات وبرد الهجر القاسى وليل أسود مخيف!

وهكذا عشعشت رغبة الانتحار فى رأسه، وفى لحظة هى أسود لحظات حياته نفث ثعبان الموت الجَهَنَّميّ سمومه فى قلبه وعقله، فماذا حدث؟ لمَّا شعر الخائن أنَّ الله قد تركه والسماء تخلّت عنه، أراد أن يتخلّص من أُجرة الخطية الملعونة، فذهب إلى رؤساء الكهنة والشيوخ الذين كانوا أداة سقوطه البشع، ويعترف لهم بجسارة قائلاً: " قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاًً " (مت4:27).

لقد أتم العمل البشع وها هو يعترف بجريمته، فهو مستعد أن يعترف بخطيته ويندم عليها بمرارة، ويود لو استطاع أن يوقف تنفيذ العمل الشرير ألا وهو: صلب إنسان برئ، فيعود مسرعاً إلى الرجال الذين أعانوه على ارتكاب جريمته ويعيد لهم الرشوة اللعينة (مت3:27)، مفضّلاً احتمال العار عن أن يبقى ثمن الدماء عالقاً بيده، ويعترف جهاراً بالإثم الذى ارتكبه... ومع ذلك يهلك يهوذا لأنَّ الخطية قد استقرت على كتفه كشبح مُخيف، وظن أنَّه يستطيع أن يتخلّص من حمله الثقيل، عندما يُعيد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة، ولكن عبثاً يحاول أن يُصفّي حسابه مع الخطية بهذه الطريقة!

ويتكلّم مع رؤساء الكهنة والشيوخ.. لكنّهم لا يملكون علاجاً للخطية، ولو أنّه بكل تواضع وشجاعة حوّل وجهه إلى يسوع، مثلما فعل اللص اليمين فيما بعد، لكان قد نال غفراناً لكل خطاياه، لكنَّ الشيطان جرّه كما يجر النسر فريسته التى انقض عليها ولم يسترح، حتى انتصر عليه تماماً، فقد ملأ قلبه باليأس وجعله يلقي بنفسه فى أحضان الموت إذ " مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ " (مت27: 5)، وينقطع الحبل الذي شنق التعس نفسه به، والشجرة التى اختارها لتكون مقصلة يختم عليها حياته تنفضه عنها فى فزع، فيسقط المسكين إلى الأرض، وينشق من الوسط وتنسكب أحشاؤه كلها (أع8:1).

وبينما كانت هذه الحوادث تدور، كان رؤساء الكهنة والشيوخ يتشاورون، ماذا يفعلون بالثلاثين من الفضة التى طرحها يهوذا فى يأسه، فاتفقوا أن يقتنوا بأُجرة الإثم حقل الفخاريّ، ليكون مقبرة للغرباء الذين يموتون فى أورشليم، وقد أُطلق عليه حقل الدم (مت8:27).


لقد قبضت أصابع الموت على شفتيه، واحترق بنار لا نور فيها! إزداد شوقاً لأرض غير معروفة، وأثقلت كاهله رغبة المُلك وهى لا تتعدى البيت والموقد، وماذا جنى من الحياة؟ لم يجنِِِ سوى حبل المشنقة!

سئم يهوذا الحرية المقصوصة الجناح على الأرض، وأحب سجناً العذاب في الجحيم، رفض أن يكون قطرة ماء في نهر الحياة، وأحب أن يجري كجدول الدموع إلى البحر المر! عاش فى العاصفة وها هو يخرج ليعيش فى العاصفة، ولكن هذه المرة خرج ليرمى نفسه من صخرة الخيانة الصلدة، التى كل من يصعد إليها لا بد أن يسقط ميتاً! لقد أنهى حياته الصغيرة التي تحرّكت كالضباب فوق أرض العذاب المستعبدة، فما أن مات حتى نزل إلى الجحيم ولم يخرج منه، فى حين أنَّ البار كان يصعد إلى الأعالى، ليستقر موضعه عن يمين القوة.
إنَّ يهوذا قد اشتاق إلى مملكة يكون فيها أميرا ً! أمَّا يسوع فأراد مملكة يكون فيها كل الناس ملوك وأُمراء!


والآن، ماذا أقول لو كنت قد عاصرت مأساة هذا العبد الشرير؟ كنت سأُشير بيدي نحو القتيل وأصرخ بصوت أجش قائلاً:
" ملعونة هى الأيدي التي تُمد إلى هذا الجسد الملطّخ بدماء الخيانة، وملعونة هى الأعين التى تذرف دموع الحزن، على هالك قد حملت الشياطين روحه إلى الجحيم لتبقَ جثّة ابن سدوم وعمورة مطروحة على هذا التراب الدنس، حتى تتقاسم الكلاب لحمه وتُذري الرياح عظامه، فليهرب الناس من تلك الرائحة النجسة المتصاعدة من داخل قلب دنُسته الخطية وسحقته الرذيلة، ولينصرفوا مسرعين قبل أن تلسعهم ألسنة نار جهنم ".


لقد مات ابن الهلاك الذى لم يكن فى العالم الوثنيّ نظيره، ولم يكن فى إمكانه أن يُنجب مُجرماً مثله! ولكن هذا ليس بغريب لأنَّ سليمان الحكيم يقول: " اَلرَّجُلُ الْمُثَقَّلُ بِدَمِ نَفْسٍ يَهْرُبُ إِلَى الْجُبِّ " (أم17:28)، وهكذا كل من يُعانق الشيطان عليه أن يُعانق الموت أيضاً!

ولكننا نعترف بأنَّ الجرثومة التي عملت فى يهوذا الإسخريوطيّ لازالت موجودة، وإن كنَّا لا نضع أنفسنا بين يدي الله ونطلب أن يُظللنا بأجنحة حُبّه فإنَّ إبليس الذي يجول كأسد زائر ملتمساً من يبتلعه (1بط8:5)، سوف ينقض كالوحش علينا ليفترسنا .
  رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
عيد الغطاس فى مصر للراهب كاراس المحرقي
ابتهال للراهب كاراس المحرقي
العاطفـــة للراهب كاراس المحرقي
الخطية ضعف لا قوة للراهب كاراس المحرقي
خطية آدم للراهب كاراس المحرقي


الساعة الآن 11:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025