- هنا أسألك أن تدعني أكمل حديثي. فإنكم لا تستطيعون أن تفهموني. وقد يبدو لك ما أقوله مدعاة للإستغراب لأننا لا ندرك الحياة النسكية.
- أيها الشيخ، إني لفي لهفة إلى المعرفة. فأسألك بإسم يسوع المسيح أن تعلّمني. فقد وجدتُ الآن مبتغاي وأودّ ألاّ أظل في الحرمان. قلْ لي...
قلتُ هذا وقد شعرتُ بما يعترضه من صعوبة. فماذا كان يمكن أن يقول لنا نحن الذين لنا ملابس جلدية للمنطق؟
- لن أقول لكم أموراً كثيرة. وسأكتفي ببعضها...تُسمع أصوات وضحك، ومشادات كلامية عنيفة خارج القلاية..كأنّ المكان مزدحم بالناس. وما ذلك إلاَّ ليصرف الشيطان انتباه المجاهد عن ((الصلاة)). وكثيراً ما يقترب منه فيشعر برعب رهيب ويستحوذ على نفسه وجسده ألم شديد لا يقاس بما يصيب المرء من خوف في حضور المجرمين. لأنّ الجحيم بكامله يقترب منه. ويتخذ الشيطان أشكال حيوانات متنوعة لكي يخيفه. وفي سيرة القديس سابا نجد الشيطان يتشكّل في صورة أفعى أو عقرب أو أسد الخ...((وبينما كان جالساً على الأرض في منتصف الليل كان الشيطان يتشكّل أمامه في صور الأفاعي والعقارب محاولاً إرهابه. ويظهر له الشيطان أحياناً أخرى بشكل أسد مرعب يهدّده بالإفتراس. ويظهر الأبالسة في ظروف أخرى وهم يحملون بأيديهم ناراً ويهدّدون المجاهد بالحرق)). وقد ذكر القديس سمعان حادثاً مماثلاً فقال: ((كانوا واقفين بعيداً عني ويحاولون أن يخيفوني، ويحملون ناراً بأيديهم ويهددوني بالحرق. وكانوا يصرخون بأصوات عالية وهم يحدثون قرقعات...)).
ويحدث أيضاً أنّ الناسك يشعر بيدين تستعدان لخنقه فيما يكون جالساً على مقعد وهو يردد((صلاة)) يسوع، فتقبضان على عنقه بشدة لتمنعاه من متابعة((الصلاة)). فإذا به يشرع فيها قائلاً: يا رب..ويصعب عليه الإنتقال إلى ذكر إسم((يسوع)) الخلاصي. فيتمتم ببطء-: ي...س..و....ع...وما يكاد أن يكمل حروف هذا الإسم الكريم بعد جهد حتى يختفي الشيطان.
ويأتي إليّ رهبان أديرة مختلفة ويذكرون لي أنّ الشيطان يشنّ عليهم هجمات جماعية ليخيفهم ويرعبهم، وعلى وجه التحديد فيما يستعدون لصلاة السهرانية(الأغربينا).