![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 21 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() 3- الألف الثانية قبل الميلاد:
أول القبائل الهامة التي استوطنت أسيا الصغري هم الحثيون. فمنذ عام 1872 عندما رجح دكتور رايت أن الكتابه الهيروغليفية الغربية على الأربعة الألواح البازلتية التي اكتشفها في حماة، هي من الفن الحثى، أخذت تتجمع كميات هائلة من هذه الأكتشافات أمام الباحثين. فهناك تماثيل من نفس الطراز لصور رجال الباحثين. فهناك تماثيل من نفس الطراز لصور رجال ونساء وآلهة وأسود وغيرها من الحيوانات، والنسور برؤوس مزدوجة، وتماثيل أبى الهول، وآلات موسيقية، وعجلات مجنحة والكثير من الأشكال الأخرى التي لايمكن معرفتها تماما، ومعها جميعها كتابات هيروغليفية لم تفك رموزها حتى الآن، والنقوش تقرأ من اليمين إلى الشمال ومن الشمال لليمين. كما اكتشفت قلاع بأسوار ومتاريس وبوابات وانفاق وخنادق وقصور ومعابد وغيرها من المبانى، وأكثر من هذا وجدت بعض الألواح المسمارية على وجه الأرض مما أدى إلى الاعتقاد بأنه لابد أن هناك وثائق مكتوبة ذات قيمة مدفونة في الأرض. فهناك آثار حثية في مالاتيا وماراش وقرة بل وسكجى جيزى وجوران وبوغازكيوى وإيوك وسنقاريا والعديد من المواقع. وكانت كركميش وقادش على نهر الأورنت مدنا كبرى في شمالى سوريا. وكان الحثيون في الأراضى المقدسة – سواء في أيام إبراهيم أو في أيام داود وسليمان – فروعا من نفس الأمة التي كان موطنها الأصلى في أسيا الصغرى.وقد أصبحت بوغازكيوى في السنين الأخيرة أشهر مدن الحثيين في أسيا الصغرى، فهي مدينة نموذجية تقع في شمالى كبدوكية إلى الجنوب من سينوب. وتوجد في يازيلى – إحدى ضواحيها – صخور مكتوبة أو منحوتة على شكل تماثيل. كما أن إيوك بمعبدها الذي تحرسه تماثيل أبي الهول تقع على بعد 15 ميلا إلى شمالها. لقد كان من حسن حظ بروفسور هيجو ونكلر من جامعة برلين الحصول على التمويل اللازم، وكذلك إذن الحكومة التركية، فاستطاع في صيف 1906 أن يكشف عن حوالى 3.000 لوح أو أجزاء من ألواح مكتوبة بالخط المسمارى باللغة الحثية. وكان هذا أول اكتشاف لمخزن من الكتابات الحثية التي لم تفك رموزها، وقدمت للعلماء عملا عظيما ليقوموا به. وهذه الألواح من الطين مكتوبة من الجهتين ثم حرقت حتى احمرت . والكتابة في الغالب في أعمدة منتظمة وكانت الحروف المسمارية – مثلها مثل الأبجدية اللاتينية في العصور الحديثة – مستعملة في جهات كثيرة بعيدة عن موطنها الأصلى، وعلى مدى آلاف السنين. والقليل من ألواح بوغازكيوي باللغة البابلية، وعلى الأخص نسخة من المعاهدة التي عقدت بين رمسيس الثانى ملك مصر وخيتاسار ملك الحثيين في وسط أسيا الصغرى، ولم يستخدم الكتبة الحروف البابلية فحسب، بل استخدموا أيضا بعض الصور الرمزية، وهي التي قدمت المفتاح لمفردات مئات الكلمات التي نشرها بنشر وسايك. وعندما ينشر ونكلر ومعاونوه من الألمان الألواح التي أودعوها متحف القسطنطينية، فيمكن أن نستمع إلى نغمات شاعر حثي (وكأنه هوميروس) يتحدث إلينا من خلال هذه الألواح الخزفية التي كتبت في زمن معاصر لموسى. وتبدو أبراج طروادة أمام بوغازكيوي وكأنها قرية صغيرة محصنة. والتماثيل الحثية تمثل نوعا محددا من الناس بوجوه عريضة وعيون مائلة وأنوف بارزة وملامح منغولية، مما يجعلنا نفترض أنهم من دم طوراني أو منغولي، فهم قطعا ليسوا ساميين، والأرجح أنهم لم يكونوا آريين. وحيث أنهم احتلوا كثيرا من المراكز الداخلية في أسيا الصغرى قبل وفي أثناء الألف الثانية قبل الميلاد، فالأرجح أنهم قد احتلوا كل أو معظم المناطق التي تتخللها، فعاصمة عظيمة مثل بوغازكيوى بتحصيناتها الضخمة كانت تحتاج إلى ولايات شاسعة لتموينها وكان لابد أن تبسط سلطانها على كل المناطق المحيطة بها حتى لا تترك عدوا لها على مسافة يستطيع أن يضربها منها، والمعتقد الآن عموما أن " الأمازونيات " كن الكاهنات الحثيات لإحدى الإلاهات اللواتى انتشرت عبادتهن في كل أسيا الصغرى. وتمتد" جبال الأمازون " – التي مازالت تحتفظ هناك باسمها القديم – موازية لساحل البحر الأسود بالقرب من نهر إيريس. والرأي الشائع هناك هو أن النساء أقوى من الرجال وأكثر جلدا منهم على العمل، وأطول منهم عمرا وأصلب منهم في القتال والدراسة المقارنة للأوانى الخزفية المزخرفة – التي توجد بكثرة في المواقع القديمة من البلاد – تجعل من الأرجح أن تكون الروابي الصناعية – وهى إحدى معالم الأناضول – والمقابر الصخرية المنحوتة – والتي لعل أشهرها تلك التي في أمازيا من صنع الأيدى الحثية. والتماثيل الحثية توحي بقوة بأنها كانت لأغراض دينية أكثر منها سياسية أو حربية، فقد كان الشعب شعبا وثنيا له آلهة كثيرون والإهات كثيرات ، كان يعتبر واحد منها أو زوجين على رأس البانثيون، فألقاب مثل سوتخ كركميش وسوتخ قادش، وسوتخ بلاد الحثيين دليل على أن الإله الرئيسي كان إلها محليا في مختلف الأماكن، ولعله كان يختلف أيضا في الأوصاف . وكانت إحدى الإلاهات الرئيسية تسمى " أنتاراتا "، فكانت هي الإلاهة الأم لأسيا الصغري التي بزت قرينها وتصور في التماثيل مع وجه شاب ذكر، كرفيق لها، لعله كان تصويرا لأسطورة " تموز " الذي كانت النسوة العبرانيات المخطئات يبكين عليه ( خر 8: 14) وقد سمي " أتيس " فيما بعد ذلك، وهو يشير إلى الحياة بعد الموت، والربيع بعد الشتاء، وجيل بعد جيل. وكان الإله الرئيسي المعبود في بوغازكيوي هو " تيشوب "، وإله آخر اسمه " خيبا "، ويظهر هذا الأسم نفسه في ألواح تل العمارنة المرسلة من أورشليم، مما يفسر قول النبي لأورشليم: "أمكن حثية" (خر 16: 45) ومازالت عبادة الحثيين – في زمن معاصر للخروج – مصورة على صخور " يازيلي كايا " فقد كانت هذه البقعة هي مقدس العاصمة، كما يوجد بها بهوان صخريان مكشوفان، أكبرهما به على الجانبين حوالى ثمانين صورة محفورة على الحائط الصخرى الطبيعى الذي صقل لهذا الغرض حتى صار أملس، ويجتمع الجانبان في الطرف الداخلي من البهو. والصور بالقرب من المدخل في نحو نصف الحجم الطبيعى وكلما اتجهنا إلى الداخل كلما زاد ارتفاع الصور حتى تصبح الصورتان عند رأس البهو أكبر من الحجم الطبيعي، وهما يمثلان الكاهن الرئيسي والكاهنة الرئيسية أو الملك والملكة، وكل منهما تقف خلفه حاشية من جنسه، ويرتفع الملك الكاهن فوق رأسي اثنين من رعاياه أو أسراه والملكة الكاهنة فوق فهد ويقف خلفها ابنها. وأطلال أيوك متراكمة وتتكون من معبد صغير، يحرس بابه تمثال لأبي الهول، مع صفين بهما حوالى أربعين من العابدين، والحجرة الرئيسية للمعبد 7 × 8 ياردة مربعة، وهى شبيهة بالقدس في خيمة الأجتماع الإسرائيلية التي كانت تعاصرها تقريبا فكلتاهما لم تكن تتسع لجماعة العابدين، بل تتسع فقط للكهنة الذين عليهم الخدمة. وتماثيل أبي الهول عند المدخل تذكرنا بالكروبيم في الهيكل الإسرائيلي. كما كانت هناك نسور مجنحة برؤوس مزدوجة تزين الحوائط الداخلية للمداخل. وبين هذه الصفوف من التماثيل على الصخور البازلتيه من ناحية المقدس، مذبح ينتصب أمامه ثور على قاعدة، ويقف خلفه كاهن يلبس قرطا كبيرا، وخلف الكاهن مباشرة تقف ثلاثة خراف وعنزة بالقرب من المذبح (قارن ذلك بما جاء في خروج 32). وصنعه عجلا " بنى مذبحا أمامه " " وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة. وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب ". كانت عبادة الإسرائيليين في بعض الطقوس شبيهة بعبادة الحثيين، ولكنها كانت تختلف عنها في محتواها الروحى اختلافا كليا. أما الآلات الموسيقية، فنرى في صور إيوك بوقا (فضيا ؟) وما يشبه الجيتار . ويمثل المملكة الحيوانية ثور آخر على ظهره صندوق أو تابوت، وأسد جيد النحت، وأرنبان بين مخلبي نسر، وهناك نبع قريب كمورد للماء اللازم للعابدين لطقوس العبادة. ويقول بروفسور جارستانج في كتابه " أرض الحثيين " أن القوة التي كانت قد بدأت تضعف بعد سنة 1200 ق. م، نهضت مرة أخرى في القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد، وينسب لهذه الفترة آثار سكجى غيزى التي اكتشفها مع آثار حثية أخرى في أسيا الصغرى. كما قامت في الشمال الشرقى دولة " فان " المعروفة باسم " أورارتو " " أراراط " وهم من أقرباء الحثيين، ولكنهم كانوا منفصليين عنهم، كما بدأ الفريجيون يسودون في الغرب، وزحف الأشوريون على الجنوب الشرقي، ثم أجهزت جحافل الكمرانيين المخربين على الحثيين، وبعد أن استولى الأشوريون على كركميس في 717 ق. م لانجد أثرًا للحثيين في الأكتشافات الأركيولوجية. |
||||
![]() |
|