5- الغلاطيون:
جاء الغلاطيون – وهم قبيلة كلتية – من أوربا في 278 / 277 ق. م. ليستقروا نهائيا في شرقي فريجية القديمة وعلى جانبى نهر الهالز (قيزل) وطريقة دخولهم إلى أسيا الصغرى واستقرارهم بها وطبعها بطابع شخصيتهم القوية، إنما تذكرنا بالملامح الأساسية لهجرة الفريجيين إليها قبل ذلك بألف عام. " إن منطقة غلاطية التي كانت في عصور سحيقة المركز الرئيسي لحكم الشرقيين للمناطق الداخلية في أسيا الصغرى – والتى مازالت تحتفظ (فى تماثيلها الصخرية الشهيرة الموجودة في " بوغازكيوي " التي هي مدينة بتريا الملكية القديمة) بالمجد القديم الذي كاد ينسى – صارت على مر القرون جزيرة كلتية – لغة وحضارة – وسط أمواج من الشعوب الشرقية، وظلت هكذا في نظامها الداخلى حتى في أيام الإمبراطورية الرومانية ". ولكن هؤلاء الغاليين وقعوا تحت تأثير شرقي قوي، فطوروا – إلى حد ما – الديانة المحلية واعتنقوها تماما حتى أنه لم يظهر في كل نقوشهم وآثارهم سوي اسم واحد لإله كلتى، كما أنه لم تكتشف فيها مطلقا أي كتابة باللغة الغلاطية، مع أننا نعلم أنها ظلت لغة الطبقات الدنيا حتى القرن الرابع الميلادى. ويبدو أن الغلاطيين قد قضوا على اللغة الفريجيية في الجزء من غلاطية الذي كان قبلا فريجيا، فلم تكتشف إطلاقا أي كتابة أو نقوش فريجية في غلاطية، ورغم وجودها بكثرة في المناطق المتاخمة لها من الجنوب والغرب ولكن اللغة الغلاطية لم تستطع منافسة اليونانية كلغة للطبقة المثقفة، بل حتى الطبقات الأدنى التي كانت تعرف الكتابة، كانت تكتب باليونانية. كما حل نظام المدن الإغريقو رومانى محل النظام الكلتى القبلى في وقت مبكر وبصورة أكمل مما حدث في بلاد الغال نفسها، ورغم ذلك ظل الغلاطيون بمعزل عن اليونانيين والشرقيين ، وقد أدركت الدبلوماسية الرومانية ذلك، حتى إنه في صراع روما ضد الشرقيين واليونانيين في عهد ميثرادتس، وجدت لها في الغلاطيين حليفا قويا. وكان الغلاطيون يعتبرون أفضل الجنود في عصر الإمبراطورية.