في إيفيا:
وصل الرّاهب نيكيتا إلى قريته، كان شكله قد تغيّر تمامًا. عمره آنذاك كان تسع عشرة سنة، شعره طويل ولحيته متدلّية. فرح به أبوه كثيرًا، لكن أمّه خجلت به ووبّخته ولم تسلّم عليه. حضرت كلّ الضيعة بفضول لملاقاة ”ناسك جبل آثوس“ ذي الشعر الطويل. لم يشأ نيكيتا أن يقصّ شعره فجعله في ماء مغليّ فتخرّب وسقط وأصبح أصلع.
أوّل الأمر سكن مع عمّته لأنّ أمّه رفضت أن تستقبله. هناك بدأ يأكل طعامًا جيدًا واستعاد صحته، لكنّه لم يبقَ، لأنّه شعر بالخجل إذ لم يقدِّم شيئًا لأهله وهم الآن يعتنون به.
ذهب إلى دير القدّيس خرالمبوس. فرح به رئيس الدّير هناك. وما لبث أن شعر بالتحسن فأسرع إلى الجبل المقدّس. فرح به أبواه كثيرًا، لكنّه مرض من جديد بعد بضعة أيام، ومن جديد عاد إلى دير القدّيس خرالمبوس. استعاد صحته وتقوّى ثم عاد إلى الجبل المقدّس.
ذهب ثلاث مرات وعاد، وفي المرة الثالثة، قال له أبواه إنّه رغم عدم رغبتهما في إرساله إلى العالم، إلا أنّ بقاءه في الجبل المقدّس يشكّل خطرًا على صحته قد يؤدّي إلى موته، معبّرَين عن محبتّهما الفائضة له.
هكذا رحل الرّاهب نيكيتا عن الجبل المقدّس نهائيًا. ذهب إلى دير القدّيس خرالمبوس، حيث رغب به الجميع وأحبّوه وفرحوا بعودته.