ممارسة استحضار الله
هذا ما تلحُّ عليه العادات الرهبانية، وهو استمرار أو امتداد للعلاقة الحميمة في أثناء النهار، ومزاولة عناصر الإختلاء وسط الإنشغالات، و "بين الطناجر" كما تقول تريزا، فنتذكر في لحظةٍ عابرة من يصحبنا دائماً، ونعبِّر له عن حبِّنا بفعل إيمان أو بصلاةٍ قصيرة سريعة عُرفت بالصلاة السهمية:Oraison jaculatoire, ou acte anagogique
وتؤكد تريزا أنَّ مَن سلك هذا الطريق يصل بسرعة إلى الغاية أي الإتحاد بالله؛ ولأن الله يُسرع فيفيض نِعَمِه على عبده ويرفعه إليه، "فلا يرفعنَّ أحدٌ نفسه"... أي هنا تبدأ مراحلُ التأمل الفائقة الطبيعة، أو الدينامية الباطنية، التي يطغى عليها عملُ الله؛ وقد برعت تريزا في وصف مراحلها وتقلّباتها وأحوالها وتجاربها.
هنا أيضاً النفسُ بحاجةٍ إلى دليلٍ خبير؛ فكأنَّ هَمَّ تريزا ليس تعليم الإختلاء بل إعداد النفوس إلى تلقّي انسكاب نِعَمِ الله، فتصف التحوّلات بدقة، وتُكثر من النصائح لئلا يضلَّ أحدٌ في مجاهل هذا الطريق. فإلى هذه المعلمة نقودُ القارىء بدورِنا، ونُنهي بحثَنا بميزات طريقة التأمل التريزية.