إن كان هذا السفر لم يقدم لنا الموعظة على الجبل، ولا أمثال السيد المسيح ولا شرائع خاصة به، لكنه قدم وصية جديدة ركز عليها، هذه الوصية ليست دستور قوانين أو شرائع code of laws وإنما طريق محبة way of love؛ ليست ثقلًا يلتزم به الإنسان، بل شركة في طبيعة المسيح محب البشر، إذ يقول: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضًا؛ كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضًا بعضكم بعضًا، بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضنًا لبعض" (يو 34:13، 35).
تكلم كثيرًا عن علاقة الرب بالكنيسة والعالم أنها علاقة محبة. فالاتحاد بالكنيسة يشبه اقتران العروسين. فلقد قال عنه المعمدان أنه عريس الكنيسة "من له العروس فهو العريس... إذًا فرحي هذا قد كمل" (يو 25:3-28). كما أكد النمو بأكل جسده: "أنا هو خبز الحياة. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد" (يو 48:6-51). لقد شبَّه نفسه بالراعي (يو 11:10)، وأيضًا بالبواب (يو 3:10)، والباب (يو 7:1). ثم اعتبر نفسه الكرمة والكنيسة الأغصان (إصحاح 15).
وصف هذا الإنجيل كاتبه بأنه كان يتكئ على صدر الرب، وكان الرب يحبه. ووصف الرب يشارك الناس ظروفهم كما في العرس بقانا الجليل (يو 2)، وفي الأحزان مثلما بكى عند قبر لعازر (يو 11). وحين يضعف إيمان البعض مثلما حدث مع توما فيثبت إيمانه (يو 27:20-28) ومع بطرس حين يسقط فيشجعه على عدم التراجع ويسنده بالحديث عن المحبة (يو 15:21-18). ويصدر حديثه الوداعي للتلاميذ بقوله إنه "أحب خاصته الذين في العالم. أحبهم إلى المنتهى" (يو 1:13) ولا غرو فهو الذي بذل ذاته عنا، "لأنه هكذا أحب اللَّه العالم حتى بذل ابنه الوحيد كي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 16:3).
هذا ولم يذكر إنجيل يوحنا مثلًا صريحًا سوى في حديثه عن الراعي الصالح (يو 10).