![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() لكِنَّ هذِه الأَرمَلَةٌ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي. "فَسَأُنْصِفُهَا" فَتُشِيرُ إِلَى اتِّخَاذِ القَاضِي قَرَارَهُ بِإِنْصَافِ الأَرْمَلَةِ، لَكِنْ لَيْسَ بِدَافِعِ الحُبِّ لِلعَدْلِ، أَوْ وَفْقًا لِصَوْتِ ضَمِيرِهِ، أَوْ تَعَاطُفًا مَعَ ضَعْفِهَا، بَلْ رَغْبَةً فِي التَّخَلُّصِ مِنْ إِلْحَاحِهَا الَّذِي أَزْعَجَهُ وَأَقْلَقَ رَاحَتَهُ. فَقَدْ أَصَابَهُ الإِلْحَاحُ بِمَا يُشْبِهُ الصُّدَاعَ النَّفْسِيَّ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْتَاحَ مِنْهَا، فَأَنْصَفَهَا لِغَايَةٍ أَنَانِيَّةٍ بَحْتَةٍ. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ إِلْحَاحَ الأَرْمَلَةِ أَصَابَ هَدَفَهُ: فَقَدْ نَالَتْ مَا أَرَادَتْ، لأَنَّهَا أَصَرَّتْ وَصَبَرَتْ فَانْتَصَرَتْ. وَيُعَلِّقُ البَابَا فِرَنسِيس قَائِلًا: "إِنَّ سِلَاحَ الأَرْمَلَةِ الوَحِيدَ هُوَ الإِصْرَارُ عَلَى إِزْعَاجِ القَاضِي، سَائِلَةً إِيَّاهُ أَنْ يُنْصِفَهَا، وَبِهَذِهِ المُثَابَرَةِ حَقَّقَتْ مَأْرَبَهَا." إِنَّ القَاضِي يَمْلِكُ قُوَّةَ القَضَاءِ، لَكِنَّهُ لا يَمْلِكُ قُوَّةَ الحَقِّ. أَمَّا الأَرْمَلَةُ، فَقَدْ مَلَكَتْ قُوَّةَ الإِصْرَارِ وَالإِيمَانِ، فَصَبَرَتْ وَصَرَخَتْ حَتَّى نَالَتْ. وَصَدَقَ القَوْلُ المَأْثُورُ: "لَا يَضِيعُ حَقٌّ وَرَاءَهُ مُطَالِبٌ." الصَّلاةُ الحَقَّةُ هِيَ الَّتِي تَخْتَرِقُ قَلْبَ اللهِ، وَتَتَطَلَّبُ صِرَاعًا رُوحِيًّا مُقَدَّسًا مَعَهُ، وَإِصْرَارًا لا يَفْتُرُ، وَاسْتِمْرَارًا دُونَ مَلَلٍ فِي تَقْدِيمِ طَلِبَاتِنَا أَمَامَهُ. |
![]() |
|