وضرَبَ لَهم مثَلاً في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاة مِن غَيرِ مَلَل، 2 قال: ((كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. 3 وكانَ في تلك المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي، 4 فأَبى علَيها ذلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، 5 ولكِنَّ هذِه الأَرمَلَةٌ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي)). 6 ثّمَّ قالَ الرَّبّ: ((اِسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. 7 أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونه نهاراً ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ 8 أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إلى إِنصافِهم. ولكِن، متى جاءَ ابنُ الإنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟))
يَتَناوَلُ إنجيلُ هذا الأَحَدِ (لوقا 18: 1–8) مَثَلَ القاضي الظَّالِمِ والأَرمَلَةِ. ويُشابِهُ هذا المَثَلُ مَثَلَ الإلحاحِ في الصَّلاةِ (لوقا 11: 5–8)، حَيثُ نَجِدُ رَجُلًا يَأتيه صَديقٌ لَيلًا، وليسَ لَدَيهِ ما يُقَدِّمُهُ له، فيَذهَبُ إلى صَديقٍ آخَرَ ويَطلُبُ منه بإلحاحٍ خُبزًا. فَيُعطيه ما يَشاءُ، لا عن كَرَمٍ، بَل تَجاوُبًا مع إلحاحِهِ المُتواصِل.
وكذلك في مَثَلِ هذا الأَحَدِ، يُنصِفُ القاضي الظَّالِمُ أَرمَلَةً مُتَضايِقًا مِن إلحاحِها المُتَكرِّر. وهكذا يُحَثُّنا يسوعُ مِن خِلالِ هذين المَثَلَين على واجِبِ المُداوَمَةِ على الصَّلاةِ، وعَدَمِ فُتورِ الهِمَّةِ، لِلحِفاظِ على الإيمانِ، ولا سيَّما في أوقاتِ الضِّيقِ والشَّدائدِ والتَّجارِب، في انتِظارِ مَجيءِ ابنِ الإنسان، رَبِّنا يسوعَ المسيح، في آخِرِ الأَيَّامِ.
إنَّ هدفَ تَعليمِ يسوعَ في هذا المَثَلِ هو الحَثُّ على المُثابَرَةِ في الصَّلاةِ، خُصوصًا في وَقتِ المِحنَةِ والصِّراعِ، لِكَي نَعيشَ في الإيمانِ والرَّجاءِ انتِظارًا لِمَجيءِ الرَّبِّ.