كان الشعب على وشك الدخول إلى أرض الموعد، حيث يدخلون في سلسلة مستمرَّة من المعارك ضد الكنعانيِّين، لهذا كان لزامًا وضع أسس خاصة برجال الجيش حتى يمكنهم التمتُّع بحياة الغلبة. لذلك بعد أن تحدَّث عن "جماعة الرب" وعن المحرومين من الدخول في الجماعة، وإمكانيَّة دخول الأدوميِّين والمصريِّين في جماعة الرب تحدَّث عن الجيش وتقديسه، فتحدث عن ثلاثة أنواع من التقديس. أولًا: التقديس من الخطيَّة، "إذا خرجت في جيش على أعدائك فاحترز من كل شيء رديء" [9]. فالخطيَّة تسحب قلب الإنسان نحو الجبن، لأنَّها تربطه بالأرض والحياة الزمنيَّة. أمَّا برّ المسيح فيرفع قلبنا إلى السماء، ويهبه قوَّة تتحدَّى الموت. لهذا يليق بالمعارك الزمنيَّة أن تكون فرصًا حيَّة للدخول في معارك داخليَّة، فيتنقَّى الكل من كل شيءٍ شرِّير. بهذا يجتذبنا الكتاب المقدَّس نحو الله الذي يسمع صلوات الأبرار ويهبهم روح النجاح والنصرة.
وكما يقول المرتِّل: "إن راعيت إثمًا في قلبي لا يستمع لي الرب... مبارك الله الذي لم يبعد صلاتي ولا رحمته عنِّي" (مز 66: 18، 20). لقد أكَّد صموئيل النبي للشعب أن تقديس القلب هو طريق النصرة، قائلًا: "إن كنتم بكل قلوبكم راجعين إلى الرب فانزعوا الآلهة الغريبة والعشتاروت من وسطكم وأعدُّوا قلوبكم للرب واعبدوه وحده، فينقذكم من يد الفلسطينيِّين" (1 صم 7: 3). ثانيًا: تقديس طقسي روحي، مع التطهير من كل شر. يلزم أن يمارسوا الطقس الخاص بالتطهيرات، حتى إن كان الدنس لا إرادي كالاحتلام.