هل سألت نفسك مرّة لماذا خُلقت؟ إنَّ الله خلقك ليس لأنَّه في حاجة إليك بل لأنَّه يُحبّك! لقد تحمّل المسيح آلام نفسية وجسدية لا يُعبر عنها، وكلها تشهد بحُبّه، ففي بسـتان جثسيماني ابتدأ يحزن ويكتئب، وصار عرقه يتصبب كقطرات دم نازلة على الأرض... أما الذي جعل عرقه يتصبب هكذا إنَّما هو المحبة، لقد كانت كل قطرة تسقط على الأرض تكتب " أُحِبُّك " !
لو لم يكن الله يُحِبّك ما قبل أن يُعرى من ثيابه ويُجلد على ظهره وهو اللابس النور كرداء، ويرصّع ذيل ثوبه بالنجوم، ولا أن توضع قصبة فى يمينه ليسخروا بملكه وهو الملك الحقيقيّ، الذي ستخضع كل الشعوب لسلطانه، وسينحني كل ملوك الأرض أمام صولجان مجده، ولا أن يُبصق فى وجهه، الذي هو أبرع جمالاً من كل وجوه بنى البش .
إذهب بفكرك إلى الجلجثة، تلك البقعة الجرداء، التي ارتوت رمالها بدماء القتلى والمجرمين، وارفع عينيك، لترى ابن الله، الذي السماء والأرض مُعلّقة بكلمته، مُعلَّقاً هناك على خشبة، يصرخ متألماً من قسوة العذابات وشدتها.. فالدماء تملاً وجهه من آثار جروح إكليل الشوك.. وإذا نظرت إلى أسفل، لوجدت قطرات الدماء المنسكبة من موضع المسامير المغروسة فى يديه ورجليه، قد جرت على الأرض ونقشت عليها عبارة من كلمتين: (الله يُحِبُّك)، أمَّا جنبه المطعون فقد صار ينبوعاً انفتح ليُطهرنا، صخرة انفجرت لنشرب فنرتوي ونغتسل من آثامنا، مغارة فُتح بابها ليختبأ فيها الهاربون من شر العالم وقسوته..