حُلَّ المَأْسُورِينَ
القمص أثناسيوس چورچ
 
 	نحن في عين العاصفة ، وكل من يقتلنا يظن أنه يقدم خدمة لله ، ففي كل يوم  نشهد الخطف والذبح والنحر على أيدﻱ الإرهابيين الذين أظلمت قلوبهم وأذهانهم  وعاثوا في الأرض تقتيلاً وتخريبًا وتخطيفًا . وقد تزايدت أعمال الخطف وطلب  الفدية والتنكيل بالمخطوفين وإقتيادهم إلى الأسْر ، مسوقين تحت القهر في  بشاعة تُضمر إقصاء المسيحين تحديدًا من معيّتهم ومحاولة محوهم من الوجود  ... فالوطن مكانهم (الحيز) الذﻱ يشغلوه ، والله وحده هو غير المحوﻱ ولا حيز  له ، وهو فوق الزمان والمكان . نحن كمسيحين مستهدفين من أعوان الشيطان  الذين يقومون بعمليات الخطف ليغيبوا المخطوفين ويسلخوهم من وجودهم ،  يلغونهم ويشردونهم عن واقع حياتهم وأرضهم وأهلهم ، وقد قيل أن الخطف نصف  الإبادة وهو مخيف ومُرّ على أهل المخطوفين ، حيث لا يعرف أحد شيئًا عن شيء .  فقط لا نسمع من الحكومات العاجزة والمتواطئة ، إلا الشجب والإستنكار  والمشاطرة ، من دون ردع أو قانون ، لكنهم يمطروننا بتصوراتهم وتخوفاتهم  ومناوراتهم... ونحن في كل شيء لا نعول كثيرًا إلا على الحاكم ضابط الكل ،  لأننا نعلم أن ما يحدث ؛ ما كان ليحدث لو لم يكن بسماح من الله ، الذﻱ تؤل  كل تدابيرة للخير لجميع الذين يحبونه من كل قلوبهم ، وهو الذﻱ يعطي  المتوكلين عليه الأشياء التي تشتهي الملائكة أن تراها . إن أحداث الخطف  الجارية حولنا ؛ هي لا تخص المخطوفين والمأسورين وحدهم ، لكنها تخص الكنيسة  كلها ، وتخص الوجود المسيحي في هذا الشرق ، ولاشيء يحدث خارج مقاصد القدير  ، الذﻱ نثق أنه لن يتركنا لمقادير قدر ، لكنه أعد كل شيء من أجل تكميل  خلاصنا ، إن عشنا له نعيش ؛ وإن مِتنا له نموت ، وجميعنا في يده ؛ فمن ذا  الذﻱ قال فكان وهو لم يأمر؟! هو معنا في الأتون وسط نيران الكراهية والنهب  وسلب الغنائم ، هو معنا في جب الأسود المسعورة مصاصة الدماء والمستبيحة لكل  ما هو آدمي وطبيعي .
	لا شك أن قلوبنا تعتصر على إخوتنا وأحبتنا المخطوفين ، لكننا لن نقف فقط  عند حد الانفعالات البشرية ، بل نطلب مشيئة الله وحفظه وستره ورضاه ، كي  نمر من الباب الضيق المؤدﻱ للحياة الأبدية حسب التدبير ، عالمين أن كل شيء  هو من أجل خلاصنا لا لهلاكنا .
	المخطوفون الآن يواجهون الموت البطيء ، الذﻱ لا يمكن أن يتصوره إلا  المأسورون أنفسهم... يُقهرون وتنزع عنهم صلبانهم ؛ ويُقيَّدون ويتعذبون  عذابات الشهداء والمعترفين . لأجل هذا نصلي جميعًا ونلحّ بلجاجة ونترجَّى  النعمة والقوة التي تكمل ضعفهم وتشدد عزيمتهم وتثبت رُكَبهم المخلعة  وأياديهم المرتعشة ، ونطلب من الله مادام قد سمح بذلك أن يمنحهم العون  والعزاء والمنفذ وملء الثقة كأشارة مسرة الملك لأمين سِرِّهِ ... جميعنا  مستهدفون من دون استثناء ؛ فالمخطوفون هم من كل الأعمار والرتب والفئات .  فهو امتحان للكنيسة وللكيان كله ، كي يجمعنا الصليب وتجمعنا جثسيماني قبل  الجلجثة ، الدعوة للعبور مفتوحة لكن لا يعرف أحد الساعة ولا وقت الرحيل .
	إنه درس لكل مسيحي كي يعي أنه ليس بإمكانه أن يبقَى عضوًا في الكرمة من  دون أن ينال الصبغة ؛ ويجتاز المعصرة حاملاً صليب الإيمان وتاج الخلاص ،  ولله إلهنا توقيتاته ؛ لا من يُنقص منها ولا من يزيد عليها .
	
	القمص أثناسيوس چورچ.
 
