منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08 - 09 - 2025, 04:28 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,359,841

إذ يقدِّم لهم شرائع خاصة بتقديسهم تمس تصرُّفاتهم اليوميَّة



"أنتم أولاد للرب إلهكم.
لا تخشموا أجسادكم، ولا تجعلوا قرعة بين أعينكم لأجل ميِّت.
لأنَّك شعب مقدَّس للرب إلهك،
وقد اختارك الرب لكي تكون له شعبًا خاصًا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" [1-2].
إذ يقدِّم لهم شرائع خاصة بتقديسهم تمس تصرُّفاتهم اليوميَّة وفي مناسبات معيَّنة لا يصدر الله أوامر لكي تُطاع دون مناقشة، وإنَّما كأب يؤكِّد لهم بنوَّتهم له، فما يصدر عن الأب إنَّما هو حب فائق لبنيانهم. ما يطلبه الله من هذه الشرائع ليس مجرَّد تنفيذها بطريقة آليَّة، وإنَّما يطلب تجاوب الأبناء مع محبَّة أبيهم ليصيروا مقدَّسين كما هو قدُّوس.
أما وقد جاء الابن الوحيد الجنس وبروحه القدُّوس وهبنا روح البنوَّة لله الآب، صارت وصيَّة العهد الجديد عذبة ومفرحة. لا نرى في الوصايا أوامر ونواهٍ، بل نراها طريقًا ملوكيًا لائقًا بأبناء الله. كأولاد لله نقبل الوصيَّة، بل ونحتمل شركة الآلام مع المسيح المصلوب لكي نرث ونتمجَّد معه. "فإن كنَّا أولادًا فإنَّنا ورثة أيضًا، ورثة الله، ووارثون مع المسيح، إن كنَّا نتألَّم معه لكي نتمجَّد أيضًا معه" (رو 8: 17). "ثم بما أنَّكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا أبا الآب؛ إذًا لست بعد عبدًا بل ابنًا، وإن كنت ابنًا فوارث لله بالمسيح" (غلا 4: 6-7).
كأولاد لله يلتزمون بحياة خاصة تناسبهم، تختلف في الداخل كما في السلوك الخارجي عن غيرهم. يذكِّرهم دائمًا بمركزهم: [أنتم أولاد الرب إلهكم]. فقد دخلوا مع الله في ميثاق، ليس عن استحقاق خاص بهم، لكن خلال غنى مراحم الله الذي اختارهم ليكونوا شعبًا مقدَّسًا ومختارًا وخاصًا به. يليق بشعب الله أن يحمل قدسيَّة خاصة ولا يتمثَّل بالشعوب المحيطة به. أنَّه يرفعهم فوق جميع الشعوب من جهة الحياة المقدَّسة، فلا يليق بهم أن ينزلوا إلى العادات الوثنيَّة مثل تجريح الجسم وجعل رؤوسهم قرعًا للتعبير عن مشاعر الحزن في الجنازات.
أوصاهم الله بالامتناع عن العادات الوثنيَّة لكي ينفتح أمامهم الطريق للتعاليم الجديدة والإيمان الحيّ العملي. فقد كان من عادات الوثنيِّين تقطيع الشعر أو حلقه، وتجريح الوجه والضرب على الصدر، ووضع أصباغ قاتمة على الوجه، أمور يعبِّرون بها عن شدَّة حزنهم على الميِّت. فكان لزامًا على شعب الله ألاَّ يُشارك الوثنيِّين عاداتهم هذه علامة تمتُّعهم بحياة جديدة تختلف عمَّا للوثنيِّين.
الامتناع عن هذه العادات تعتبر شهادة عن مفاهيم جديدة للمؤمنين أولاد الله بخصوص الموت، إذ يرون في الأموات المقدَّسين في الرب راحلين إلى حياة أفضل. لم تنتهِ حياتهم بموتهم، بل لا زالوا أحياء مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، ينتظرون المجد الأبدي.
لقد حمل شعب الله في أجسادهم "الختان" علامة الرب، فلا يليق بهم أن يحملوا علامات الآلهة الغريبة، ألا وهي تجريح أجسامهم. فقد كان من عادة الوثنيِّين تجريح أجسادهم ليس فقط في الجنازات، وإنَّما أثناء ممارسة العبادة للآلهة كما كان يفعل كهنة البعل (1 مل 18: 28).
الله خالق الجسد لن يُسر بمن يُشوِّه جسده، بل بمن يهتم به ويعوله ويكرمه بما يليق كعطيَّة مقدَّسة من الرب. كل خليقة الله صالحة (1 تي 4: 4). الجسم هو عطيَّة إلهيَّة جميلة، ليس من حق الإنسان أن يشوِّهه بالتجريح مهما كان السبب. تجريح الأجساد في الجنازات يجعلهم كالأطفال الذين يشوِّهون أجسادهم متى لعبوا بسكِّينٍ ما، هكذا الله في أبوَّته يود أن يسحب السكِّين من أيديهم كي لا يضرُّوا أنفسهم.
التجريح والقرع يشيران إلى ما يحل بأقرباء المنتقل من يأس والمبالغة في الحزن، بينما يأمرنا الرسول بولس: "ثم لا أريد أن تجهلوا أيُّها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم" (1 تس 4: 13). امتناعهم عن هذا الحزن المفرط يشهد لإيمانهم بالقيامة من الأموات، ونصرتهم على الموت، وعدم خوفهم من العبور في وادي ظلال الموت.
تمييزهم عن غيرهم من الشعوب الوثنيَّة في الجنازات يُعلن إيمانهم بالحضرة الإلهيَّة في كل حين، حتى أمام الموتى، فإن الله هو إله الأحياء والأموات، يضم الكل معًا ليعيشوا معه إلى الأبد.
إن كنَّا لا ننكر أن المؤمن يحزن من أجل آلام الفراق، لكن فيحدود، وإلى حين، فإن كثير من الوثنيِّين قبلوا الإيمان بالسيِّد المسيح عندما رأوا كيف واجه المسيحيُّون الموت بشجاعة وبشاشة. وقد سجَّل لنا الشهيد يوستينتأثُّره بهذا قبل قبوله الإيمان.
حتى في فترات السلام كان أحد العوامل التي جذبت الوثنيِّين نحو الإيمان طقوس جنازات المسيحيِّين وما حملوه من أحاسيس السلام والرجاء في الأبديَّة.
الإنسان الذي يسمِّر عينيه على أعماقه الداخليَّة فيرى مسيحه في داخله، يتطلَّع أيضًا إلى موت الجسد فيراه عطيَّة إلهيَّة، قنطرة عبور إلى الخلود، وتحرُّر حقيقي من الحياة الزمنيَّة بكل أمراضها الروحيَّة والجسديَّة.
* إن موت الأبرار صار رقادًا، بل صار هو الحياة.
القدِّيس باسيليوس الكبير
تطلَّع القدِّيس غريغوريوس النزينزي إلى أخته الأكبر منه القدِّيسة جورجونيا كنموذجٍ حيٍّ للمسيحي، وقد تأثَّر بها جدًا إذ كان مغرمًا بتقواها وورعها. وأوضح كيف استعدَّت للموت بلا خوف:
* موطن جورجونيا كان أورشليم العليا (عب 12: 22-23)... التي يقطنها المسيح، ويشاركه المجمع وكنيسة الأبكار المكتوبين في السماء.
* كل ما استطاعت أن تنتزعه من رئيس هذا العالم أودعته في أماكن أمينة. لم تترك شيئًا وراءها سوى جسدها. لقد فارَقَت كل شيء من أجل الرجاء العلوي. الثروة الوحيدة التي تركتها لأبنائها هي الاقتداء بمثالها، وأن يتمتَّعوا بما استحقَّته.
* هنا أتكلَّم عن موتها وما تميَّزت به وقتئذٍ لأوفيها حقَّها... اشتاقت كثيرًا لوقت انحلالها، لأنَّها علمت بمن دعاها وفضَّلت أن تكون مع المسيح أكثر من أي شيء آخر على الأرض (في 1: 23).
تاقت هذه القدِّيسة إلى التحرُّر من قيود الجسد والهروب من وحل هذا العالم الذي نعيش فيه. والأمر الفائق بالأكثر أنَّها تذوَّقت جمال حبيبها المسيح إذ كانت دائمة التأمُّل فيه.
بقوله "اختارك الرب" [2] لا يعني السلبيَّة من جهة الإنسان، إنَّما يلزمه السلوك بما يليق بهذا الاختيار ليُحسب عضوًا حقيقيًا في الشعب المقدَّس.

* لماذا اختارنا؟ "لنكون قدِّيسين وبلا لوم قدامه" (أف 1: 4). ذلك لكي عندما تسمع "اختارنا" لا تظن أن الإيمان وحده يكفي، بل يضيف الحياة والسلوك.
يقول إنَّه اختارنا بهذا الهدف، "لنكون قدِّيسين وبلا لوم"...
إن كان البشر في اختيارهم يختارون ما هو أفضل، بالأكثر يفعل الله ذلك.
بالحقيقة إن الاختيار هو عطيَّة الله المحب الرحيم، وهو أيضًا سلوك صالح.
لقد جعلنا قدِّيسين، ويليق بنا أن نستمر في القداسة. الإنسان القدِّيس هو من يشترك في الإيمان، الإنسان الذي بلا لوم هو الذي له حياة غير ملومة.
القديس يوحنا الذهبي الفم
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
شرائع خاصة برئيس الكهنة
شرائع خاصة بالحيوانات والزراعة
شرائع خاصة بالأخوة
شرائع خاصة بالحصاد
هل شابهت شرائع العهد القديم شرائع عصره، أم إنه ارتقى بالإنسان من جهة علاقاته الأسرية والاجتماعية؟


الساعة الآن 09:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025