![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() كيف نمارس تذكُّر معاملات الله؟ "علِّمها لأولادك وأولاد أولادك" [9]. ليس من طريق للتذكُّر أعذب من التسليم أو التقليد، فنسلِّم أولادنا ذكريات عمل الله معنا. ليكن حديثنا مع أولادنا وأحفادنا حسب الجسد أو الروح حديثًا روحيًا خاصًا بعمل الله معنا عبر التاريخ. هذا وإنَّنا لن نقدر أن نشهد للسيِّد المسيح أمام أولادنا وأحفادنا ما لم نكن قد رأيناه. فالحديث عن المخلِّص لا يحمل قوَّة ما لم يكن المتحدِّث قد اختبر الخلاص وأدرك قوَّة المخلِّص في حياته عمليًا. "(خاصة) في اليوم الذي وقفت فيه أمام الرب إلهك في حوريب، حين قال لي الرب: اجمع لي الشعب فأسمعهم كلامي، لكي يتعلَّموا أن يخافوني كل الأيَّام التي هم فيها أحياء على الأرض ويعلِّموا أولادهم" [10]. بلا شك لكل إنسان أيَّام خاصة لن تُمحى من الذاكرة. سفر التثنية مملوء بذكريات موسى، ويمكن تقسيم هذه الذكريات إلى أربعة أقسام: القسم الأول: في مصر والرحلة إلى سيناء (تث 4: 34). القسم الثاني: إعطاء الشريعة في سيناء. القسم الثالث: الرحلة من حوريب إلى قادش (تث 1: 2). القسم الرابع: حوادث رحلة السنتين الأخيرتين (تث 23: 4). يشغل القسم الثاني جزءً كبيرًا من الأصحاحات (4، 5، 9، 11) من السفر، وتتحدَّث عن عهد الرب والوصايا العشر والبروق والرعود في سيناء والارتداد بعبادة العجل الذهبي وتوسُّط موسى للشعب وكتابة الوصايا العشر مرَّة أخرى، وتخصيص سبط لاوي للكهنوت. لقد طلب موسى من الشعب أن يتذكَّروا ذلك اليوم الخاص، ذلك الذي وقف فيه في حضرة الرب في حوريب. حقًا كل أيَّام خدمة موسى لا تنسى، كلَّها أيَّام مثمرة للغاية، لكنَّه لن ينسى ذلك اليوم الخاص الذي تميَّز بالآتي: وقوفه في حضرة الرب. حديث الرب عن شعبه. الله يطلب من الشعب أن يجتمع معًا حول كلمته الإلهيَّة لكي يسمع ويحفظ. غاية الكلمة الإلهيَّة المُسلَّمة لهم هو بث روح المخافة الإلهيَّة، وتعليم الأجيال الجديدة. هذه هي الذكريات التي حملها ذلك اليوم الخاص بالنسبة للعظيم في الأنبياء موسى. أمَّا بالنسبة لنا فلنا يوم خاص لن ننساه قط، يوم رُفع مسيحنا على الصليب لكي نوجد في حضرة الآب على الدوام. فيه تحدَّث الآب معنا لا بالفم وحده، بل بلغة الحب العامل، مقدِّمًا دم ابنه الوحيد المبذول حديث حب لا يُعبَّر عنه. فيه تجتمع الكنيسة كلَّها بقلبٍ واحدٍ كأعضاء لجسد الرب المصلوب، تسمع صوت الحب وترى الأمجاد المعدَّة لها، وتتلامس مع السماوي. فيه تدرك النفس غاية كلمة الله المتجسِّد المصلوب، به تتمتَّع بالمخافة الربانيَّة، مخافة البنين نحو أبيهم، وفيه نتسلَّم روح الكرازة والشهادة للحق أمام الأجيال المقاومة. يليق بالجيل الجديد أن يتطلَّع إلى الوصيَّة الإلهيَّة هكذا: أ. احترز، أي يكون الإنسان يقظًا، حتى يميِّز الحق من الباطل. ب. احفظ نفسك جدًا: أي يكون الإنسان مجاهدًا، يكرس أعماقه الداخليَّة بشوق لتنفيذ الوصيَّة. ج. ألاَّ ينسى: فينشغل فكره بالوصيَّة، ولا ينسى مراحم الله وأعماله معه. د. لئلاَّ تزول من قلبك: أي لا يكفي انشغال الفكر بها، وإنَّما انشغال القلب، فيحب الوصيَّة بكل كيانه الداخلي. يحتفظ بالوصيَّة في قلبه، فتحفظ هي قلبه، ولا يسقط من بين يدي الله، ولا تُحرم أعماقه من غنى النعمة الإلهيَّة. ه. كما استلمها من آبائه: يليق به أن يسلِّمها إلى أولاده، فتصير الوصيَّة تقليدًا حيًّا معاشًا، يقدِّمه كل جيل إلى الجيل المقبل. يعلِّق القديس أثناسيوس الرسولي على هذه العبارة بأن الخليقة بجمالها الفائق، خاصة السماء بكواكبها هي معلِّم صامت لكي يتعرَّف الأمم على الله خالق الكل، وليس لكي تكون لهم آلهة يتعبَّدون لها. هكذا إذ تفسد بصيرة الإنسان، يحول ما هو جميل لا لبنيان نفسه بل لتحطيمها. |
![]() |
|