ظلَّت ساعة البشرية في دوراتها الطويلة المملَّة عبر الدهور السالفة، تعد أيام الإنسان التي طالت في شقاء وبلا رجاء، دون أن تحس الملائكة لا بغدوات الإنسان التي تشرق ذابلة ولا بأمسياته التي تذهب حزينة، إلى أن بلغت ساعة البشرية لحظة، حُسبت أسعد لحظات الإنسان طرا، انفتحت فيها السموات لتستقبل خبر ميلاد ابن الله وظهوره بالجسد في عالم الإنسان؛ ومن بعدها دخلت أيام البشرية في مجال الخلود بقدر ما اقتحم الخلود مجال أيام الإنسان وآلامه!!
لقد غيَّرت لحظة ميلاد المسيح مركز انطلاق الزمن، وجدَّدت قياسه. فبعد أن كان يرتكز في انبعاثه على حوادث الإنسان، بدأ ينطلق من يوم الميلاد كأساس لقياسه، وبعد أن كان يعدُّ على الإنسان أيام شقائه، صار يقيس له أيام خلاصه. ففي المسيح، كل يوم للإنسان صار يوم خلاص إذا شاء؛ وكل ساعة وقتاً مقبولاً في وجه يسوع المسيح ...