v إنهم يطيرون، إذ ليس لديهم ما يثقلهم وينزل بهم. أذهانهم دائمًا مرتفعة نحو الله؛ سلطانهم في الأعالي، لا يتأملون في السفليات، كما نفعل نحن، بل يحفظون عقولهم في الأفكار العلوية غير المنطوق بها.
أفواههم تُقَدِّم تسبيحًا؛ يعترفون بالتبادل في نظامٍ دون مللٍ، كما أرى ذلك، إنما بطريقة تسمح للآخرين أن يُقَدِّموا كرامات مدائح بتسابيح الحمد، حيث أن كل شيءٍ في الأعالي يُمارَس بترتيبٍ دقيقٍ...
يقولون: "قدوس" ثلاث مرات، ويختمون لحن الحمد برَبِّ الصباؤوت، فيشيرون إلى الثالوث القدوس بطبيعة لاهوتية واحدة.
في اعترافنا نقول إن الآب موجود، وهكذا الابن والروح القدس. لا يوجد اختلاف في الطبيعة لتُمَيِّز بين هؤلاء، بل لاهوت واحد يُدرَك في ثلاثة أقانيم. هذا يؤكده لنا السيرافيم المقدسين أنفسهم، الذين يقولون إن الأرض كلها مملوءة من مجده، سبق فأخبروا مُقَدَّمًا عن المستقبل عن سرِّ التجسد للمسيح.
قبل أن يصير الكلمة جسدًا، بالحقيقة كان الشيطان المنتقم، التنين، المرتد، يسيطر على الأرض التي تحت السماء، وكانت الخليقة تُعبَد عوض الخالق صانعها. ولكن إذ صار الكلمة جسدًا، امتلأت كل الأرض بمجده، وكل ركبةٍ تنحني له وكل قبيلة ولسان يعترف ويخدمه، كقول الكتاب المقدس.
قَدَّم داود الطوباوي تلك الصرخة مقدمًا بالروح، قائلاً: "كل الأمم الذين صنعتهم يأتون ويسجدون أمامك يا رب" (مز 86: 9؛ في 2: 10-11).