وبعد كل هذه المقابلات الفردية بين المسيح القائد وتلاميذه المدعوين، نقرأ عنه «وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ. وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا رُسُلاً» (لوقا٦: ١٢، ١٣).
وهو أمر يثير الإعجاب جدًا، فالمسيح لم يتكل على نتائج وتقارير المقابلات التي أجراها، رغم دقتها وكثرة تفاصيلها، لكنه طلب إرشاد الله أبيه، وقضى الليل كله في الصلاة، وفي الصباح دعى تلاميذه، واختار الاثني عشر رسولاً منهم.
أما مرقس فقد أضاف لنا جزءًا حيويًا، لنا فيه درسًا روحيًا هامًا، فقال: «ثُمَّ صَعِدَ (أي المسيح) إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ» (مرقس٣: ١٣-١٥).
فأولوية المسيح لتلاميذه؛ تختلف عن أي قائد ديني أو سياسي عرفته البشرية؛ فهو يريدهم أن يكونوا أولاً في علاقة حقيقية معه، ثم يرسلهم ثانيًا إلى الناس معطّرين بطيب محضره، وهذا هو الترتيب الطبيعي لأي كرازة، أو خدمة، أو حياة ناجحة.