![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() لِأنَّكُم بِمَعزلٍ عنّي، لا تَستَطيعونَ أنْ تَعمَلوا شيئًا لِأنَّكُم بِمَعزلٍ عنّي، لا تَستَطيعونَ أنْ تَعمَلوا شيئًا (يوحنّا 5:15) عظة الأحد الثّاني مِن زمن الْمجيء أَيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأحبّاءُ في الْمَسيحِ يَسوع! كُتِبَ في سِفرِ النّبيِّ مَلاخي: ﴿هَاءَنَذا مُرْسِلٌ رَسولي، فَيُعِدَّ الطّريقَ أَمَامي﴾ (ملاخي 1:3). وَهيَ الآيةُ الّتي تَحَقَّقَتْ في شَخصِ يُوحَنَّا الْمعمدان، وَالّذي أَتَى سَابِقًا للرّبِّ، بَشيرًا وَنَذيرًا. بَشيرًا، إذْ قَدْ بَشَّرَ فَقال: ﴿تُوبوا، قَدْ اقتَرَبَ ملكوتُ السّموات﴾ (متّى 2:3). وَنَذيرًا، إذْ أنْذَرَ فَقَال: ﴿هَا هيَ ذي الفَأسُ على أُصولِ الشَّجَر، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لا تُثمِرُ ثَمَرًا طَيِّبًا، تُقطَعُ وَتُلقَى في النّار﴾ (لوقا 9:3). دَعونَا نَتَوقّفُ عِندَ هَذهِ الآية! فَكَمَا أنَّهُ لا يَكْفي بِأنْ تَأخُذَ الشَّجَرةُ حَيِّزًا دُونَ أنْ تُأتيَ ثَمَرًا، كَذَلِكَ لا يَكفي بِأنْ يكونَ الْمَسيحيُّ مَسيحيًّا بالعدَدِ فَقط، دونَ ثَمر! وَكَمَا أَنَّهُ لا يَكْفي بِأَنْ تُثمِرَ الشّجرةُ أَيَّ ثمرٍ بَل ثمرًا طَيِّبًا، كَذَلِكَ لا يَكفي بِأنْ يُثمِرَ الْمَسيحيُّ أَيَّ ثمرٍ، بَلْ ثمرًا مُبارَكًا صالِحًا! وإن لم نَكُنْ كَذَلِك، فَمَا الّذي يُميِّزُنا عَن سَائِرِ النّاس؟! الْمَسيحيُّ في الْمُجتَمع، يَمتازُ بِرفْعَةِ أَخلاقِهِ وَسُلوكِه وصلاحِ مِثالِه، بِسُمُوِّ إيمانِهِ وَإنْسَانيّتِه، بِأَدبِه وَعَلمِهِ وَثَقافتِه، بِهندامِهِ وَحِشْمَتِهِ وَصَفَاءِ فِكْرِهِ وَنَزاهَةِ أَعمَالِه. هَذَا مَا يُميِّزُنا كَمَسيحيّين، وَهَذَا مَا يُعطينَا فَرَادَتَنا الجَميلة. فَالْمسيحيُّ لم يَكُن أَبَدًا مَسْأَلَةَ عَدَدٍ، بِقَدرِ مَا هُوَ نَهجُ حَياةٍ وَأسلوبُ عَمَلٍ وَتَصرُّف. عِنْدَها فَقَط: ﴿يَرَى النّاسُ أَعْمَالَكُم الصّالِحة، فَيُمجِّدوا أَبَاكُمُ الّذي في السّموات﴾ (متّى 16:5). أَمَّا مَا وَمَن خَالفَ ذلِك، فَهوَ لَيسَ مِنَ الْمَسيحِ بِشيء، إنّما هيَ مِنَ الرُّوحِ الدُّنيويّةُ الّتي تَسَلَّلَتْ لِقُلوبِ كَثيرين، مَع كُلِّ أسف، ضَارِبينَ بِسُلوكِهِم الْمُشين أَسْوَأَ الأمْثِلة. أَمْثَالُ هَؤلاءِ تَنْطَبِقُ عَليهم أَوصَافُ يُوحنّا، لَمَّا أَنْذَرَ قَائِلاً: ﴿وَأَمَّا التِّبنُ فَيُحرِقُهُ بِنارٍ لا تُطْفَأ﴾ (متّى 12:3). في إِنجيلِ القِدّيسِ يُوحنّا، في الفَصلِ الخامِسِ عَشر مِنهُ، نَقرأُ مَثلَ "الكَرمَةِ والأغصان". وفي الآيةِ الخامِسة، نَسْمَعُ قَوْلَ الْمَسيح: ﴿أَنَا الكَرْمَةُ وأنتُمُ الأغصان! فَمَن ثَبَتَ فيَّ وَثَبتُّ فيِه، فَذَاكَ الّذي يُثمِرُ ثَمَرًا كَثيرًا﴾ (يوحنّا 5:15). فَالْمْسيحُ كَرْمَةٌ نَحنُ أَغْصَانُها! وإنْ كَانَ دَورُ الكَرمَةِ أنْ تُعطِي الحياةَ لأغْصَانِها، فَدَورُ الغُصْنِ هوَ أَنْ يُثْمِر! وَلِكَي يُثمِرَ الغُصن، عَلَيهِ أَنْ يَظَلَّ في اتّحادٍ حَيويٍّ مَع الأصلِ، أَي مَعِ الْمَسيحِ، أَصْلِنَا وَحَياتِنَا! وَمَن لا يُثْمِرْ "يُفْصَلْ". أَمّا الْمُتَّحِدُ بالْمَسيح ومع الْمسيح وفي الْمَسيح، فَهوَ الّذي يُثمِرُ ثمرًا طيِّبًا، ثَلاثينَ وَسِتّين وَمِئَة! أَيّها الأحبّة، إنْ كانَ الاتّحادُ الأبديُّ بالله هوَ غَايَتُنا القُصْوَى وَالأخيرة، فَالانفِصالُ عَنهُ هوَ الجزاءُ الأبديّ! والاتّحادُ الأبديُّ بالله يَبْدَأُ في هَذا الزّمن، وَعَلَى هَذهِ الأرض، مِن خِلالِ إثمارِك الثِّمَارَ الطّيبَة! وانْفِصالُكَ الأبديُّ عنِ الله، يَبْدأُ أيضًا الآنَ وهُنا، عِندما تَختارُ بِحُرِّيتِكَ الابْتِعَادَ عَنهُ! وَلِذَلِكَ، لا يُقرِّرُ اللهُ مَصيرَ أَحدٍ، وَكَأَنَّنَا دُمى عَلَى مَسرَحِه، هَادِيًا مَنْ يَشَاء وَمُضَلِّلًا مَن يَشَاء، بَل هوَ خَيَارٌ يَتَّخِذُهُ الإنْسانُ بِإرادَتِهِ الحُرّة، كُلَّ يَومٍ وكُلَّ لحظة وَعِندَ كُلِّ مَوقِف، مُقرِّرًا إن أَرادَ أن يحيا كغُصنٍ طَيّبِ الثمار، أو كَعودٍ يَابِسٍ عَقيمٍ! فَلْنُثمِر إذًا يا أحبّة، عَامِلينَ بِنَصيحةِ سابقِ الربِّ يُوحنّا، ثمارًا طيّبةً تَدُلُّ عَلَى تَوبَتِنا، تدلُّ عَلَى صَلاحِنا وَاتّحادِنا الزَّمَانيِّ وَالأبديّ بالله، مُبدِعِنا وأصلِنا وحياتِنا وغايتِنا |
|