قرويون شيعة يفرون شمالي العراق

[Mary Naeem]

قرويون شيعة يفرون شمالي العراق






الوطن
احتشد مئات القرويين الهاربين خوفا من تقدم المليشيات السنة في العراق اليوم الخميس تحت الشمس أمام إحدى نقاط التفتيش على حافة الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في البلاد، يما تحاول المنطقة الكردية المستقلة ذاتيا والتي تتمتع بأمان نسبي أن تضم بين جنباتها عددا كبيرا من النازحين الذين لجأوا إليها.
وكان كثير من هؤلاء الذين يبحثون عن مأوى من الشيعة التركمان، جاؤوا من قرى حول الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، التي اجتاحها في بداية الشهر الجاري مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهي جماعة سنية متطرفة سيطرت على مناطق واسعة من العراق وتسعى إلى إقامة منطقة إسلامية بالكامل على الحدود من كلا الجانبين، سوريا والعراق.
وبالإضافة إلى ذلك، أدت هجمة جديدة بالمدفعية شنها المتمردون على قرى مسيحية شمال العراق أمس الأربعاء إلى فرار الآلاف من المسيحيين من منازلهم، باحثين عن ملجأ في الأراضي الكردية. وحدث القصف الذي استهدف مجموعة من القرى في منطقة يطلق عليها الحمدانية، وتبعد 75 كيلومترا عن حدود المنطقة الكردية ذات الحكم الذاتي.
وبينما بدا مسموحا للقرويين بدخول الأراضي الكردية بحلول النهار، كان مئات اللاجئين الشيعة مازالوا يأملون في السماح لهم بالدخول، لكنهم واجهوا تأجيلا بسبب عدم وجود رعاة لهم على الجانب الآخر.
وقالت إحدى اللاجئات، أم علاء، التي رفضت الإفصاح عن اسمها وفضلت استخدام كنيتها خوفا من الانتقام، إنها ومئات آخرين معها غادروا قريتهم "قبة" وقرية أخرى مجاورة لها منذ بدء اعتداء المليشيات عليها يوم 10 يونيو، باحثين عن ملاذ في المدن والقرى المجاورة التي تعرضت هي الأخرى للهجوم يوم أمس الأربعاء. واتفقت لاجئة أخرى، أفصحت عن اسمها الأول فقط، وتدعى هدى، مع ما قالته أم علاء، فيما حاولت تهدئة ابنها الصغير محمد الذي يبلغ من العمر عشر سنوات، الذي كان يبكي عطشا.
وقالت: "سيقتلون كل رجل شيعي، ويحرقون كل منزل شيعي. لم يبق أحد في قبة. لقد غادرها كل الشيعة"، في إشارة إلى المخاوف التي أعرب عنها كثير من اللاجئين اليوم.
وفي أماكن أخرى، قاتلت القوات الموالية للحكومة أمس الأربعاء مليشيات سنية تهدد قاعدة جوية عسكرية كبيرة في مدينة بلد، شمالي العراق، حسبما قال مسؤولون عسكريون. وكانت المليشيات قد تقدمت نحو المدينة المجاورة، يثرب، التي تبعد خمسة كيلومترات فقط عن القاعدة الأمريكية السابقة المعروفة باسم كامب أناكوندا. وأصر المسؤولون على أن القاعدة لا تواجه خطرا فوريا من السقوط في أيدي المليشيات.
وأكد مسؤولون عسكريون عراقيون وأمريكيون أمس الأربعاء أن الطائرات الحربية السورية قصفت مواقع المتمردين السنة داخل الأراضي العراقية، وفقا لما أكده مسؤولون عسكريون يوم أمس الأربعاء، ما يعمق المخاوف من تحول التمرد السني المتطرف المنتشر في سوريا الى العراق الى صراع إقليمي أكثر اتساعا. وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من هذا التهديد مطالبا عدم تدخل دول أخرى في الصراع.
وتقوم الدول المجاورة للعراق - الأردن والكويت والعربية السعودية وتركيا - بتكثيف الطلعات الجوية داخل مجالها الجوي لمراقبة الوضع، وفقا لمسؤول عراقي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول التحدث لوسائل الإعلام.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في لقاء له بوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، "لقد أوضحنا للجميع في المنطقة أننا لا نحتاج لحدوث أي شيء قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الطائفية التي وصلت بالفعل إلى مستوى عال من التوتر"، مشددا على أنه "من المهم بالفعل ألا يحدث أي شيء يزيد من التطرف أو يكون بمثابة نقطة تتأجج منها أي انقسامات طائفية".
ومن ناحية أخرى، قال مسؤولان أمريكيان إن إيران تستخدم طائرتي مراقبة بدون طيار في العراق، وتتحكم فيهما من مطار في بغداد. وأضاف المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأنهما ليسا مخولين بمناقشة القضية علانية، أنهما يعتقدان أن الطائرتين هما طائرتا استطلاع فقط، دون أن يستبعدا امكانية تسليحهما.
وقال مسؤول كبير في المخابرات العراقية إن إيران تزود قوات الأمن العراقية سرا بالأسلحة، ومن بينها الصواريخ والرشاشات الثقيلة وقاذفات الصواريخ متعددة الفوهات. وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع "العراق في أزمة خطيرة والسيف على رقبته، لذلك هل من المتصور أن نرد اليد التي مدت إلينا؟".
يأتي جمع المعلومات والتزويد بالأسلحة في أعقاب زيارة لبغداد هذا الشهر من قبل واحد من أقوى الجنرالات في الجيش الإيراني، وهو اللواء قاسم سليماني، قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، للمساعدة في تعزيز دفاعات الجيش العراقي والميليشيات الشيعية التي سلحها ودربها.
وتشير المشاركة الإيرانية في سوريا وإيران والعراق إلى تعاون متنام بين الحكومات الثلاثة التي يقودها الشيعة ردا على التمرد السني المستعر. وفي تحول غير مألوف، تجد الولايات المتحدة وإيران وسوريا مصالحها تتداخل خاليا فيما يخص جلب الاستقرار للحكومة العراقية.
وتلعب إيران دور الضامن للشيعة في العراق وسوريا ولبنان. وحافظت على علاقات وثيقة مع الحكومات المتعاقبة التي يقودها الشيعة منذ عام 2003 عقب إزاحة صدام حسين عن السلطة، وهو الحاكم السني الذي اضطهد الشيعة، كما تعد الداعم الرئيسي للرئيس السوري بشار الأسد، وهو من أتباع الطائفة العلوية الشيعية.
وتفيد التقارير بأن المسلحين الذين استولوا على أسلحة متقدمة ودبابات وعربات هامفي من الجيش العراقي في طريقهم إلى داخل سوريا، وأن المقاتلين يعبرون بحرية من جانب إلى الآخر، وهو ما أزعج الحكومة السورية، والتي تخشى من أن التطورات قد تغير من ميزان القوة في المعركة بين قوات الأسد والمتمردين السنة الذين يقاتلون للإطاحة به.
ويواجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضغوطا، حتى من حلفائه الشيعة، للتخلي عن منصبه وتشكيل حكومة مؤقتة يكون في مقدورها قيادة البلاد إلى حين التوصل إلى حل دائم.
ويصر المالكي على أن العملية السياسية لابد وأن تسمح لحكومته بالعمل في أعقاب الانتخابات التي جرت في أبريل، والتي فازت كتلته فيها بأكبر حصة من مقاعد البرلمان.
وكان تحالف المالكي، دولة القانون، قد فاز باثنين وتسعين مقعدا برلمانيا من بين 328 مقعدا في الانتخابات، ولكنه في حاجة إلى أغلبية بسيطة لضمان بقاء حكومته لفترة رابعة. ومن المتوقع أن يعقد اجتماع في نهاية الشهر، عندما يحين موعد انتخاب رئيس البرلمان.
ولدى البرلمان 30 يوما لاختيار الرئيس، الذي سيقوم بدوره باختيار زعيم الكتلة الأكثر عددا في البرلمان لتشكيل الحكومة المقبلة.