ننظر حولنا فنرى الاشرار ينجحون ، يرتعون في الملذات ويتمتعون . نجد الظالمين على الكراسي العالية ، يتمادون . اللصوص يغتنون ، يمتلكون ويكتنزون ، يلهون ، يأكلون ويشربون . والاخيار الابرار يعانون يتألمون يقاسون يًطحنون ، يلقون في الظلام يقيدون يُضربون بالسياط . والشرفاء معوزون فقراء محرومون . يعيشون جياعا ً عطشانين . وندهش ونفزع ونغار كما يقول المرنم في مزاميره " غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ. لأَنَّهُ لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. " ( مزمور 73 : 3 ) حتى ادرك وفهم عندما دخل الى حضرة الله وهناك انفتحت عيناه .
يقول : " حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ. " ادرك وفهم ان العبرة ليست الآن بل العبرة في الآخرة التعسة . يقول : " حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. " فكل تجبر اليوم يقودهم الى العذاب الابدي . كل ما يحصلون عليه اليوم يصبح قشا ً يُحرق في النار . كالغني الذي عاش متنعما ً مترفها ً في حياته يلبس البز والارجوان ولعازر مطروح عند بابه مضروب بالقروح جائعا ًلا يحصل على الفتات ، ومات وحُمل لعازر الى حضن ابراهيم والغني ألقي في الجحيم . وحين طلب الغني من ابراهيم أن يرسل لعازر ليبل طرف اصبعه بماء ليبرّد لسانه ، فهو معذب ٌ باللهيب ، اجابه ابراهيم : انه قد استوفى خيراته في حياته واستوفى لعازر البلايا ، والآن الواحد يتعزى والآخر يتعذب . هكذا يستوفي الاشرار افراح الحياة وملذاتها الفانية . وخين يذهبون الى الحياة الدائمة الباقية يتعذبون .. لو ادرك الناس ذلك لما تمادوا في ظلمهم وغيهم وشرهم . ولو ادرك الابرار ذلك ايضا لما اندهشوا وفزعوا وشعروا بالغيرة . ما يحدث هنا مؤقت ، عمره قصير ، يظهر قليلا ً ثم يضمحل ، أما هناك فدائم ٌ لا نهاية له ، باق ٍ أبدي لا ينتهي . لا تغر من الاشرار فنهايتهم مخيفة مرعبة ، واسلك سلوك الابرار فنهايتهم مجيدة رائعة .