"القمص تادرس يعقوب": "وهب الرب النصرة لأمصيا على الأدوميين، فإذ به يقتلهم بطريقة وحشية، لكن إذ لم يكن قلبه كاملًا، جذبته الأصنام والرجاسات، فحمل آلهة تلك المنطقة معه لا ليحطمها، بل ليسجد لها. حمْلَه آلهتهم كان دليلًا على سقوط أدوم تمامًا، فآخر شيء يُسلّمونه هو آلهتهم... كان حمْل صور الآلهة أو تماثيلها من الأمة المهزومة أو المدينة عادة شائعة في الشرق وأحيانًا كان يمارسها الرومان، ليتعبَّدوا لها، خاصة إذا كانت الأمة الغالبة تعرف هذه الآلهة، وتتطلع إليها في شيء من القدسية. يا لغباوة الإنسان الذي يجري وراء الشهوات! ماذا رأى أمصيا في أوثان بني ساعير سوى الضعف والجمود والموت والعار. لمس بنفسه الأمور التي حلَّت على المتعبّدين لها، ومع هذا من أجل لذَّات وقتية باطلة كرَّمها وسجد لها. ربما ظن أنه بالسجود لها لا تبالي هذه الآلهة بالدفاع عن الأدوميين.
كان يليق به عوض أن يلقي بالأسرى من رأس سالع أن يلقي بهذه الأوثان فتتحطم. ليس من المنطق أن يعبد إنسان آلهة جامدة لأعداء له انتصر عليهم. لكن وحشيته في التعامل مع الأسرى سلَّمته للجهالة والغباوة وعدم الحكمة... لم يحتمل الملك أن يسمع صوت النبي، فعبادته للأصنام كشفت عن قسوة قلب الملك، وجعلت أذنيه لا تحتملان صوت الرب على لسان نبيه. لم يكن لدى الملك ما يبرر به تصرفه الغبي، وعوض الدخول معه في حوار، انفعل موبخًا إياه بسخرية"