منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم اليوم, 06:30 AM
 
souad jaalouk Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  souad jaalouk غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 123471
تـاريخ التسجيـل : Jun 2017
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : لبنان
المشاركـــــــات : 18,459

زوادة اليوم:
الباب الذي لم أره من قبل
زوادة اليوم: الباب الذي لم أره من قبل : 13 / 11 / 2025 /

استيقظتُ ذلك الصباح وأنا أتنفّس حلمي الكبير، أول مقابلة عمل في حياتي! وظيفة مرموقة في شركة كبرى، إن تم قبولي فسأغادر هذا البيت الكئيب إلى غير رجعة، وسأرتاح أخيرًا من أبي وتوبيخه الدائم.
اغتسلت، لبست أجمل ثيابي، تعطّرت، وهممت بالخروج... لكن قبل أن أفتح الباب، شعرت بيدٍ دافئة تربت على كتفي.

التفتّ، فإذا بأبي يقف خلفي، متبسّمًا رغم ذبول عينيه وملامح المرض التي حفرت وجهه.
ناولني بعض النقود وقال بصوت خافتٍ لكنه واثق:

"أريدك أن تكون إيجابيًا، واثقًا من نفسك، ولا تهتز أمام أي سؤال."

ابتسمت له ابتسامة باردة، وأنا أتمتم في داخلي: "حتى الآن لا يكفّ عن النصائح!"
لم أكن أدرك أن تلك الجملة البسيطة ستكون مفتاح حياتي الجديد.

ركبت سيارة الأجرة، ووصلت إلى مبنى الشركة الفخم. الغريب أنه لم يكن هناك حراس ولا موظفو استقبال، فقط لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة.

وأثناء دخولي، لاحظت أن مقبض الباب مكسور، يكاد يسقط. تذكّرت نصيحة أبي: كن إيجابيًا.
أعدت المقبض إلى مكانه وأحكمته جيدًا.

واصلت السير، فمررت بحديقة غارقة بالمياه، أحد الأحواض كان ممتلئًا ويفيض.
“لا تهدر الماء!” صدى صوت أبي دوّى في أذني.
قمت بسحب الخرطوم، ووجهته إلى حوضٍ آخر، وعدّلت تدفق الماء.

ثم صعدت الدرج ولاحظت أن كل المصابيح مضاءة رغم أننا في وضح النهار. لم أتمالك نفسي فأطفأتها واحدة تلو الأخرى، وأنا أبتسم دون وعي، كأن أبي يسير بجانبي.

أخيرًا وصلت إلى الطابق العلوي، وجدت العشرات بانتظار دورهم. وجوه أنيقة، شهادات أجنبية، ثقة طاغية. شعرت بالدونية، وكدت أنسحب... لكن صوت أبي عاد من أعماق ذاكرتي:

"واثقًا من نفسك يا بنيّ، لا تهتز."

جلست أنتظر دوري، وقلبي يخفق بين الخوف والرجاء.
لم تمضِ سوى دقائق حتى نودي على اسمي.

دخلت الغرفة، أمامي ثلاثة من المحاورين، ابتسموا وقال أحدهم:

"متى تحب أن تبدأ العمل؟"

تجمّدت في مكاني! ظننتها مزحة أو خدعة.
تمسّكت بنصيحة أبي مرة أخرى، وقلت بثقة:

"بعد أن أجتاز المقابلة بنجاح إن شاء الله."

ابتسم أحدهم وقال بهدوء:

"لقد نجحت بالفعل، لا حاجة لمزيد من الأسئلة."

نظرت إليهم مذهولًا:

"لكنكم لم تسألوني شيئًا!"

فقال الثالث مبتسمًا:

"اختبارنا ليس بالكلمات. لقد وضعنا مواقف حقيقية في طريق كل متقدّم، أردنا أن نرى من سيُصلح المقبض، ومن سيهتم بالماء، ومن سيحافظ على الكهرباء... لقد كنت الوحيد الذي فعل ذلك، وهذا ما نحتاجه: شخص يرى العيب فيصلحه دون أن يُطلب منه."

توقّف الزمن. لم أعد أرى الوجوه أمامي.
كل ما رأيته كان وجه أبي... ذلك الباب الكبير الذي ظننته باب القسوة، لكنه كان باب الرحمة والحنان.

أبي لم يكن يوبّخني، بل كان يصنع رجلاً يعرف معنى المسؤولية دون أن يُقال له افعل.
حين خرجت من الشركة، لم أعد أفكر في الوظيفة ولا في المرتب، كل ما أردته هو أن أعود إلى البيت... لأقبّل يديه وقدميه، وأقول له:

"لقد كنت أعظم معلم في حياتي."

العبرة:
أحيانًا نرى في نصائح آبائنا قيودًا، لكنها في الحقيقة أجنحة تُعلّمنا كيف نرتفع.
ما يبدو توبيخًا هو خوفٌ، وما يبدو إلحاحًا هو حبٌّ لا يُقدّر بثمن.
قد لا نفهم آباءنا اليوم، لكن سيأتي يوم ندرك فيه أن كل كلمة قالوها كانت لبنة في بناء مستقبلنا.

إخوتي....
إذا لامست هذه القصة قلبك، فلا تحتفظ بها لنفسك.
انشرها لتذكّر كل ابنٍ أو ابنة أن وراء كل نصيحة أبٍ قلبًا يخاف عليهم من الحياة أكثر مما يخاف على نفسه.

"اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا كما ربونا صغارًا"
والله معكن.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
زوادة اليوم: يسوع هو الباب : 19 / 2 / 2024 /
زوادة اليوم : الباب اللي ما إلو باب
زوادة اليوم : الباب المفتوح
زوادة اليوم : واقف على الباب أقرع
زوادة اليوم : يسوع هو الباب


الساعة الآن 11:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025