في بداية حكم سليمان كان لديه أربعة آلاف من الخيول، ومع نهاية مُلكه زاد العدد كثيرًا إلى أربعين ألفًا من الخيل، واحتج علاء أبو بكر قائلًا: "لما لا تكون 40000 في بداية حياته ومُنى بهزائم أو حرائق لم يذكرها الكتاب المقدَّس وتناقصت إلى 4000 " واحتجاجه هذا غير منطقي... لماذا؟
أ - لو مُنى سليمان بهزائم، فمعنى هذا أن هناك حروب عديدة قد نشبت، وهذا لا يتفق مع وصف الكتاب المقدَّس بأن عصر سليمان كان عصر سلام " وَكَانَ لَهُ صُلْحٌ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ حَوَالَيْهِ" (1مل 4: 24).
ب - لو كان هناك حرائق ضخمة قد نشبت فالتهمت تسعة أعشار الخيول، وهكذا حدث مع بقية الحيوانات والطيور، ما كان الكتاب المقدَّس يصف هذا العصر بعصر سلام وأمان بقوله: "وَسَكَنَ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلُ آمِنِينَ، كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ، كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ" (1مل 4: 25).
جـ- كانت هناك هدايا من الخيول تأتي لسليمان من سنة إلى أخرى مما يرجح زيادة أعدادها وليس نقصها: "وَكَانُوا يَأْتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِهَدِيَّتِهِ، بِآنِيَةِ فِضَّةٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَحُلَل وَسِلاَحٍ وَأَطْيَابٍ وَخَيْل وَبِغَال سَنَةً فَسَنَةً" (1مل 10: 25).
د - كان سليمان الملك يهوى الخيل ويتاجر فيها، مما يرجح زيادة أعدادها " وَكَانَ مَخْرَجُ الْخَيْلِ الَّتِي لِسُلَيْمَانَ مِنْ مِصْرَ... وَكَانَتِ الْمَرْكَبَةُ تَصْعَدُ وَتَخْرُجُ مِنْ مِصْرَ بِسِتِّ مِئَةِ شَاقِل مِنَ الْفِضَّةِ، وَالْفَرَسُ بِمِئَةٍ وَخَمْسِينَ. وَهكَذَا لِجَمِيعِ مُلُوكِ الْحِثِّيِّينَ وَمُلُوكِ أَرَامَ" (1مل 10: 28-29).
ويقول " جيمس هنري برستيد" James Henry Breasted: "ظهر ميل القوم (العبرانيون) للثراء والحياة التجارية حتى عند ملوك العبرانيين الجدد، وذلك أن ملوك فينيقيا قد أثروا بطبيعة الحال من مطامع الحكام الإسرائيليين، فاشترك سليمان (عليه السلام) في تجارة مع " هيرام " ملك " صور " وكان هو نفسه يتجر في الخيول فيجلب نسل الخيول الجياد المنسَّبة من مصر، حيث كان يتمتع هنالك بامتياز خاص عن طريق الفرعون حميه، ومن ثمَّ كان يُصدّر هذه الخيول شمالًا ويبيعها في أسواق الخيل الحيثية. وقد كانت له حظائر للخيل في جهات متعددة في طول البلاد وعرضها. ويتضح لنا ذلك الأمر جليًّا ملموسًا حينما نقف بين دمن حظائر خيول سليمان الأصلية التي كُشِف عنها بين أطلال قلعته الإقليمية القوية بمدينة "مجدو" الواقعة فوق هضبة الكرمل"