العائلة بين العقد والعهد

[walaa farouk]

في عالمِنا اليَوم، تتصدَّعُ الأسرَةُ، التي هي تصميمٌ إلهيّ للبَشَر،
تحت وطأة أزَماتٍ متلاحقة: الطّلاق المتزايد، الضّغوط الماديَّة،
العُنف الأسَري، وأيضًا الأنانيَّة والتواصُل السَيِّئ.
فالعائلة التي خُلِقَت لتكونَ واحةَ وُدٍّ ووئامٍ باتَت في كثيرٍ من الأحيان ساحَةَ صِراع،
حيث تُعاني الطّفولةُ فيها الأمرَّين بين جُدرانٍ مشحونَةٍ بالصَّخبِ والصِّياح والقلوبِ المُثقَلَة.
إنَّ أسبابَ الإنهيار متشابكة: إقتصاد مُنهار يخطفُ الإستقرار،
علاقاتٌ هشَّةٌ تتزَعزَع أمام أوَّل عاصفة، وغيابُ الحِوار الذي يحَوِّلُ البُيوتَ إلى سُجون.
لكنَّ قَصدَ الله في البداية كان مُختلفًا تمامًا. منذ جنَّةِ عَدن،
أعلنَ: "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا" (تكوين 2: 24)
. الزَّواج عَهدٌ مقدَّس، فيه يُبنى البَيتُ على الأمانَةِ والتّضحيَة،
لا على الأنانيَّةِ والعُنف. وحين يتحَوَّلُ هذا العَهدُ إلى عَقدٍ هَشٍّ يمكن نَقضُه بسهولة،
ينهار الرُّكنُ الأساسيُّ للمُجتمَع.. الأسرَة.
لقد رفَعَ المسيحُ الزَّواجَ إلى مُستَوى السِّرِّ المُقدَّس،
وقال: "إذًا ليسَا بَعدُ اثنَين بَل جسَدًا واحدًا. فالذي جَمعَه الله لا يُفرّقُه إنسان" (متّى 19: 6).
هنا يكمُنُ الجَواب: العودة إلى قَصدِ الله،
إلى المحَبَّةِ التي لا تبحَثُ عن مصلحَتِها، إلى نِعمَةِ الغُفران التي تداوي الجِراح.

ذُروةُ الرَّجاء هي أنَّ الأسرَة، مهما تصدَّعَت أو تحَطَّمَت،
يمكن أن تُرمَّمَ بالنّعمَة! فالمَسيح القائم، الذي حَوَّلَ ماءَ العُرْس إلى خَمر،
قادرٌ أن يحَوّلَ بُيوتًا حَزينةً إلى بيوتٍ مملوءَةٍ بالفرَح والسَّلام.
والأسرَةُ هي ملَكوتٌ صَغيرٌ فيه الأب والأفراد يعيشون معًا لمَجدِ الله.
مفتاحُ الحَلّ ليسَ في المَالِ وحدَه ولا في القوانين
، بل في القلوب التي تسمَحُ للمحَبَّةِ الإلهيَّة أن تسود.
عندها فقط يُصبحُ البَيتُ صدًى لصَوتِ السَّماء، ومَسكِنًا للسَّلامِ الأبدِيّ.

هَلْ سمَحْتَ أنتَ اليَوم للمَسيح أن يَبنِيَ ما تصدَّعَ
ويَسُدَّ الثّغرات في بناءِ أسرَتِكَ وزَواجِك؟