![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() فنادى: يا أبتِ إِبراهيم ارحَمنْي فأَرسِلْ لَعاَزر لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصبَعِه في الماءِ ويُبَرِّدَ لِساني، فإِنِّي مُعَذَّبٌ في هذا اللَّهيب. "فَإِنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللَّهيبِ" تُشِيرُ إِلَى وَصْفٍ رَمْزِيٍّ لِهَوْلِ الأَلَمِ، النَّاتِجِ عَنِ الأَشْوَاقِ المُشْتَعِلَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ إِشْبَاعُهَا بَعْدُ. فَاللَّهِيبُ هُنَا صُورَةٌ لِحَرَارَةِ النَّدَمِ وَالْحِرْمَانِ. مِنَ الجَدِيرِ ذِكْرُهُ أَنَّهَا الصَّلَاةُ الوَحِيدَةُ فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ الَّتِي وُجِّهَتْ إِلَى قِدِّيسٍ فِي السَّمَاءِ، لَكِنَّهَا لَمْ تُسْتَجَبْ، لأَنَّ زَمَنَ الرَّحْمَةِ قَدْ مَضَى، وَحَلَّ زَمَنُ الدِّينُونَةِ. باختصار، الغَنِيُّ الَّذِي كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى نَسَبِهِ الإِبْرَاهِيمِيِّ وَيَتَكَلُّ عَلَى غِنَاهُ، أَصْبَحَ مُعْوِزًا لِقَطْرَةِ مَاءٍ. وَهَذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ الخَلَاصَ لَيْسَ بِالنَّسَبِ وَلَا بِالمَقَامِ، بَلْ بِالتَّوْبَةِ وَالأَعْمَالِ وَالمَسْؤُولِيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ. نُلاحِظُ أَنَّهُ في الحَياةِ ما بَعدَ المَوتِ، لَم يَطْلُبِ الغَنِيُّ شَيئًا عَظيمًا: فَهُوَ أَيْضًا يَلتَمِسُ الرَّحمَةَ، ويَرجُو قَطرَةَ ماءٍ تَبلُّ لِسانَهُ المُلتَهِبَ. ولَكِنَّ الهَاوِيَةَ الَّتي حَفَرَها بِنَفسِهِ طُوالَ حَياتِهِ، بِقَسوَتِهِ وَعَدَمِ مَحبَّتِهِ، جَعَلَت حتّى أَبْسَطَ الأُمورِ مُستَحيلَةً. البابُ الَّذي أَغلَقَهُ في وَجهِ لَعازَرَ في هذِهِ الحَياةِ، بَقِيَ مُغْلَقًا أَبَدًا، لأَنَّ الأَبَدِيَّةَ ما هِيَ إِلّا صَدى لاخْتِياراتِنا الحاضِرَة. |
|