لَا يَكْفِي أَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ أَخِينَا دُونَ رِيَاءِ العَيْنِ، بَلْ مَطْلُوبٌ مِنَّا أَيْضًا مُعَامَلَتُهُ دُونَ رِيَاءِ القَلْبِ. فِي اللُّغَةِ العِبْرِيَّةِ، لَا يَشْمَلُ مَدْلُولُ القَلْبِ الحَيَاةَ العَاطِفِيَّةَ وَالمَشَاعِرَ فَحَسْبُ، "لِأَنَّكَ سَبَقْتَ فَبَارَكْتَهُ، جَعَلْتَ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَبٍ خَالِصٍ" (مَزْمُورُ ٢١: ٣)، إِنَّمَا يُعَبِّرُ أَيْضًا عَنْ "بَاطِنِ" الإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ وَالأَفْكَارِ، وَالمَشَارِيعِ وَالقَرَارَاتِ.
فَاللهُ أَعْطَى البَشَرَ "قَلْبًا يُفَكِّرُ" (سِيرَاخ ١٧: ٦)؛ فَقَلْبُ الإِنْسَانِ هُوَ بِالذَّاتِ مَصْدَرُ شَخْصِيَّتِهِ الوَاعِيَةِ، العَاقِلَةِ وَالحُرَّةِ، وَمَوْطِنُ اخْتِيَارَاتِهِ الحَاسِمَةِ، وَاسْتِعْدَادِهِ الدَّاخِلِيِّ. فَمَظْهَرُ الإِنْسَانِ الخَارِجِيُّ يَدُلُّ عَادَةً عَلَى مَا يَعْمُرُ بِهِ قَلْبُهُ. فَيُعْرَفُ مَا فِي القَلْبِ، بِطَرِيقٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ، بِوَاسِطَةِ مَا يَبْدُو عَلَى الوَجْهِ (سِيرَاخ 23: 25)، وَبِمَا تَنْطِقُ بِهِ أَيْضًا الشِّفَتَانِ (أَمْثَال 16: 23)، وَمَا تَشْهَدُ بِهِ الأَفْعَالُ (لُوقَا 6: 44-45).