![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وكانَ في تلك المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ضَعْفِهَا، لَمْ تَسْتَسْلِمْ، بَلْ أَلَحَّتْ الأَرْمَلَةُ عَلَى القَاضِي الظَّالِمِ إِلْحَاحًا مُتَوَاصِلًا، دُونَ أَنْ تَلْجَأَ إِلَى التَّهْدِيدِ أَوْ إِلَى وَاسِطَةٍ بَشَرِيَّةٍ. كَانَتْ تُدَافِعُ عَنْ قَضِيَّتِهَا بِنَفْسِهَا، فَهِيَ تُمَثِّلُ كُلَّ نَفْسٍ عَدِيمَةِ القُوَّةِ، لا سَنَدَ لَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا خَصْمٌ رَهِيبٌ يُرِيدُ أَنْ يُذِلَّ كِيَانَهَا بِسَبَبِ ضَعْفِهَا. إِنَّهَا ضَحِيَّةُ الظُّلْمِ، فَهِيَ رَمْزٌ لِكُلِّ مَنْ يُعَانِي الظُّلْمَ وَالِاضْطِهَادَ، وَصَوْتُ كُلِّ مَنْ يَتَأَلَّمُ فِي صَمْتٍ. وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يُدَافِعُ عَنْهُ أَوْ يُنْصِفُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لا يَفْقِدُ الإِيمَانَ بِالحَقِّ وَبِعَدَالَةِ اللهِ. كَانَتِ الأَرَامِلُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ، وَفِي جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ، مَحْرُومَاتٍ مِنْ وَسَائِلِ العَوْنِ وَالدِّفَاعِ، وَأَكْثَرَ النَّاسِ تَعَرُّضًا لِلتَّجَارِبِ وَالضِّيقَاتِ وَهَضْمِ الحُقُوقِ. لِذَلِكَ أَكَّدَ أَنْبِيَاءُ العَهْدِ القَدِيمِ وَرُسُلُ العَهْدِ الجَدِيدِ عَلَى وَاجِبِ العِنَايَةِ بِهِمْ عِنَايَةً خَاصَّةً: "لا تُسِيئُوا إِلَى الأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ، فَإِنْ أَسَأْتُمْ إِلَيْهِمَا وَصَرَخَا إِلَيَّ، أَسْمَعُ صَرْخَهُمَا، فَيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْكُمْ" (خُرُوج 22: 22–24)." أَكْرِمِ الأَرَامِلَ الَّذِينَ هُنَّ بِالْحَقِّ أَرَامِلُ" (1 تِيمُوثَاوُس 5: 3)."هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَجْرُوا الحُكْمَ وَالبِرَّ، وَأَنْقِذُوا المَسْلُوبَ مِنْ يَدِ الظَّالِمِ، وَلَا تَتَحَامَلُوا عَلَى النَّزِيلِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ، وَلَا تُعَنِّفُوهُمْ" (إِرْمِيَا 22: 3). هَذِهِ الأَرْمَلَةُ، بِإِلْحَاحِهَا، تُجَسِّدُ قُوَّةَ الإِيمَانِ فِي ضَعْفِ الإِنْسَانِ؛ فَبِالرَّغْمِ مِنْ قِلَّةِ وُسَائِلِهَا، لَمْ تَفْقِدِ الأَمَلَ، بَلْ وُاصَلَتِ الطَّرْقَ عَلَى بَابِ العَدَالَةِ حَتَّى فُتِحَ لَهَا. فَهِيَ تُمَثِّلُ جَمِيعَ الفُقَرَاءِ وَالمَظْلُومِينَ، كُلَّ مَنْ يَحْمِلُ فِي صَمْتِهِ وُجُوعَ العَدَالَةِ وَتَطَلُّعَ الرَّجَاءِ. |
|