"وَأَنَا حِينَ جِئْتُ مِنْ فَدَّانَ مَاتَتْ عِنْدِي رَاحِيلُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ
فِي الطَّرِيقِ، إِذْ بَقِيَتْ مَسَافَةٌ مِنَ الأَرْضِ حَتَّى آتِيَ إِلَى أَفْرَاتَةَ،
فَدَفَنْتُهَا هُنَاكَ فِي طَرِيقِ أَفْرَاتَةَ، الَّتِي هِيَ بَيْتُ لَحْمٍ»."
حتى النفس الأخير لا ينسى زوجته المحبوبة راحيل. وهو يبارك أحفادها. وكأنه يريد أن يركز الأولاد أنظارهم على كنعان حيث أمهم مدفونة فلا تنسيهم مصر كنعان أرضهم. *لكن حزن يعقوب على راحيل حبيبته هو حزن المسيح على كنيسته وشعبه الذين أحبهم حتى موت الصليب، والتي ما زال أعضائها يعانون الموت والحزن والضيق. حزن المسيح على البشر الذين أحبهم فخلقهم ليحيوا في جنة ليفرحوا (عَدْنْ كلمة عبرية تعني فرح وبهجة)، وقال عنهم "لذاتي مع بني آدم" (أم8: 31)، هؤلاء الذين أحبهم وقد صاروا يموتون ويحزنون، هذا ما يحزن قلب الله. وهذا كان سبب بكاء الرب يسوع عند قبر لعازر. المسيح أمام قبر لعازر، ولعازر في القبر وقد أنتن، والكل حوله يبكون ويصرخون، كان لسان حاله يقول هل خلقتكم لأجل هذا المصير، أردت لكم الفرح ففعلتم هذا بأنفسكم. بعض الناس يتهمون الله أنه لا يشعر بآلامهم حين ينتقل أحد أحبائهم، وفي الحقيقة أن الله يتألم حين يموت أحد أحبائه فيحزن أحباء المنتقل. فالكتاب يقول "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلَاكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ" (إش63: 9). فهو يتضايق ويتألم حينما نحزن. ولكنه يبحث عن الطريقة والتوقيت المناسب الذي يضمن به خلاص نفوس أولاده، فهذا معنى "وملاك حضرته خلصهم". فالله يعلم ما هو الوقت المناسب الذي ينقل فيه أولاده للسماء. ويقول المرنم داود النبي "عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ" (مز116: 15) فالله يفرح بنفوس أحبائه حين ينتقلون وتصاحبهم الملائكة للسماء (قصة لعازر والغني) ويضمهم الله لقديسيه في السماء. ولكنه يتضايق لحزن أحباء المنتقل ويعزيهم.
ولاحظ أن راحيل دفنت في الطريق إلى بيت لحم حيث ولد المسيح الذي يعطي حياة لكل من مات على الرجاء. والمعنى أنها دفنت على رجاء الحياة الأبدية التي سيأتي بها المسيح مولود بيت لحم. وهذا حال الكنيسة كلها التي أحبها المسيح حتى موت الصليب وما زال يحبها. فنحن نموت في طريقنا للأمجاد الأبدية.