![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كن هادئًا بما يكفي لتسمح لها بأن تجدك هي في صباح مغمور بالضباب، وسط غابة إفريقية كثيفة يغمرها الصمت والرهبة، خرج المصوّر الأمريكي جون جاي كينغ الثاني حاملاً كاميرته، يملؤه الأمل بأن يلمح من بعيد أحد أندر مخلوقات الأرض: غوريلات الجبال. لم يكن يعلم أنّه في ذلك اليوم، لن يكون هو من يجدها... بل هي من ستجده. بعد يومٍ قضاه في مراقبة عائلة من الغوريلات عن بُعد، غارقًا في سحر حركتها وحنانها، استيقظ في صباح اليوم التالي على مفاجأة مذهلة. كان يسمع حفيفًا خافتًا يقترب من خيمته، وحين خرج بحذر، وجد العائلة نفسها أمامه، تحدّق فيه بفضولٍ وطمأنينة. تقدّمت الصغار نحوه بخطواتٍ مترددة، ثم بدأت تعبث بذراعه، وتتسلّق كتفيه، وتلمس وجهه بأناملها الثقيلة الرقيقة. وفي الخلف، كان الذكر الضخم ذو الشعر الفضي يراقب المشهد بعينٍ يقظة، قبل أن يجلس في هدوءٍ لا يوصف، كأنه يمنح الإذن لهذا اللقاء الفريد. جلس كينغ ساكنًا، متجمد الأنفاس، لا يجرؤ على الحراك. كانت إحدى الغوريلات تمسك برأسه وتُمرّر أصابعها في شعره كما لو كانت تمشّطه، بينما الهواء يملؤه دفءٌ بدائي عجيب، مزيج من الخوف والدهشة والعطف. مرّت الدقائق كأنها حلم، ثم نهضت الغوريلات ببطء وغادرت الغابة كما جاءت، تاركة وراءها قلب إنسانٍ تغيّر إلى الأبد. حين ابتعدت آخرها، همس كينغ بصوتٍ مبحوح: "أنا واحدٌ منهم... أنا غوريلا." لم يكن لقاءً مُخططًا، ولا تجربة علمية، بل لحظة صدقٍ خالصة بين الإنسان والطبيعة، بين الكلمة والصمت، بين الحضارة والبرّية. أحيانًا، لا تحتاج لتبحث عن الحياة البرية... فقط كن هادئًا بما يكفي لتسمح لها بأن تجدك هي. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كل ما هو بسيط ولا يكفي في نظري في وجودك يكفي |
بينما تظل أنت هادئًا |
ما لا يكفي لأكلك يكفي لزرعك |
..| أتسمح لي بقتلك | ...o |
أتسمح لى أن أحبــــــــــــــــــــــــك |