![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() لقد وضعت الشريعة حدودًا للطلاق من بينها القانون التالي: "إذا أخذ رجل امرأة وتزوَّج بها فإن لم تجد نعمة في عينيه، لأنَّه وجد فيها عيب شيء وكتب لها طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته، ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجلٍ آخر، فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته، أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتَّخذها له زوجة، لا يقدر زوجها الأول الذي طلَّقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجَّست. لأن ذلك رجس لدى الرب. فلا تجلب خطيَّة على الأرض التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا" [1-4]. أمَّا ما وراء هذا القانون فهو: أولًا: ألاَّ يتسرَّع الإنسان في طلب الطلاق لأي سبب، فالشريعة تستلزم أن لا يكفي أن ينطق بكلمة الطلاق، بل يلزمه أن يعلن ذلك كتابة، وأن يوقِّع على شهادة الطلاق شاهدان أو أكثر، وأن يسلِّم كتاب الطلاق للزوجة في يدها ويطلِّقها، أي يقدِّم لها احتياجاتها الماديَّة حتى لا يتسرَّع أحد بل يراجع نفسه. بجانب هذا فإنَّه إن طلَّق فليعلم أنَّه إن تزوَّجها أحد لن يمكنه الزواج منها إن طلَّقها الآخر أو حتى مات، مهما كانت الأسباب. فيما يلي صورة من كتاب الطلاق الذي يكتبه الرجل لزوجته المطلَّقة: [في يوم... من الأسبوع، أو يوم... من الشهر...، في سنة... من خلقة العالم، أو من ملك (الإسكندر) بحسب عادتنا هنا في الموضع...، أنا فلان بن فلان من منطقة... بإرادتي الحرَّة، وبرغبة نفسي، دون أيَّة ضغوط، قد تركتكِ وتخليَّت عنكِ واستبعدتكِ يا فلانة ابنة فلان، من مدينة...، التي كنتِ زوجة لي، والآن أصرفكِ عنٍّي وأترككِ واستبعدكِ، فتكونين حرَّة، ولكِ سلطان على حياتك، وأن تتزوَّجي أي إنسان تريدين، وليس لأحد أن يرفضكِ بسبب اسمي من هذا اليوم وإلى الأبد. وهكذا يحق لكِ أن تكوني لأي إنسان. وهذا منِّي كتاب طلاق، كتاب لتخليتكِ ورسالة لاستبعادكِ، وذلك بحسب شريعة موسى وإسرائيل]. ثانيًا: يؤكِّد حق الزوجة المطلَّقة أن تتزوَّج، فيُحسب الرجل الأول بالنسبة لها كأنَّه مات، لهذا لا يجوز لها الالتصاق به بعد اتِّحادها برجل آخر، فتكون كمن التصقت بجثمان ميِّتٍ، ويحسب ذلك دنسًا. ثالثًا: يرى البعض أن هذا القانون صدر لمنع بعض العادات الدنسة كتلك التي كان بعض المصريِّين يمارسونها، إذ كان الرجال يتبادلون الزوجات فيما بينهم. فخشية أن يطلِّق رجلان زوجتيهما ليقبل كل منهما زوجة الآخر إلى حين ثم يطلِّقاهما، ويعودان فيتزوَّجان كل واحدٍ من زوجته الأولى، فيصير الزواج والطلاق وسيلة لتحقيق هذا السلوك الدنس تحت ستار شريعة الطلاق. لذلك رفضت الشريعة الزواج نهائيًا بالزوجة الأولى متى التصقت بآخر. بهذا يدرك الرجل أن المرأة ليست ألعوبة في يده، يستطيع أن يطردها في أي وقت، ويستردَّها متى شاء، إنَّما لها كيانها البشري وشخصيَّتها التي يلزم أن يُقدِّرها الزوج. رابعًا: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن الشريعة لم تمنع الرجل الذي يبغض زوجته من أن يطردها ويتزوَّج أخرى، لكنَّه يلتزم أن يعطيها كتاب طلاق، ولا يجوز له أن يردَّها مرَّة أخرى حتى إن مات رجلها الثاني أو طلَّقها. والسبب في هذا أن الشريعة خشيت من أن يلتزم الرجل ببقاء الزوجة التي يبغضها فيقتلها، لأنَّه هكذا كان حال اليهود في ذلك الحين. كانوا يقتلون الأنبياء ويسفكون الدم كالماء (مز 79: 3). فطرْد الزوجة المكروهة أقل شرًا من قتلها. أمَّا علَّة عدم إعادتها فذلك لكي يُدرك الكل أنَّه يليق بقاء الزواج وعدم فسخه، فيلزم على الرجل قبل أن يطرد زوجته ويطلِّقها أن يراجع نفسه مرَّات لأنَّها لن تعود إليه]. خامسًا: اختلف المفسِّرون اليهود في تفسيرهم للعبارة: "لأنَّه وجد فيها عيب شيء" [1]. ففي رأي مدرسة هلليل Hillel أن الرجل يمكنه أن يطلِّق زوجته لأي سبب يرى أنَّه غير لائق. ففي أيَّام السيِّد المسيح جاءه الفرِّيسيُّون يتساءلون: "هل يحل للرجل أن يطلِّق امرأته لكل سبب" (مت 19: 3). أمَّا مدرسة شمعي Shammai فعلى النقيض رأت أنَّه ليس من حق الرجل أن يطلِّق زوجته إلاَّ لعيب قوي فيها مثل ارتكاب خطيَّة الزنا. وإن كان لا يمكن تفسير العيب هنا بارتكاب الزنا، لأن هذه الخطيَّة عقوبتها الرجم لا الطلاق. |
|