![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() يونان النبي اسألوا... اطلبوا... اقرعوا هي درجات الإصرار واللجاجة في الصلاة: فدرجة «اقرعوا» هي أعلى درجة، هي درجة الصراخ لله ليفتح لنا. والعجيب أنَّ الله صوَّر نفسه هكذا صارخًا أو قارعًا لنفتح له قلوبنا: «هأنذا واقفٌ على الباب أقرعه، فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب، دخلتُ إليه وتعشَّيتُ معه وتعشّى معي» (رؤ 3: 20). فإن كان المسيح يقرع هكذا على أبواب قلوبنا، أفلا نثابر ونقرع ونصلّي إليه بإلحاح! الله نفسه يدعونا أن نطلب، ولأنَّه «الخير المُطلَق» يودّ أن يمنح خيراته وعطاياه للمؤمنين به وبقدرته ومحبّته الفائقة الوصف. يقول القدّيس أوغسطينوس: «لكي تفهم ما يُقصَد بالسؤال والطلب والقرع، نفترض وجود رجل أعرج. فمثلُ هذا يُعطَى أولًا الشفاء، أي القدرة على المشي... وهذا ما قصده الربّ بالسؤال. ولكن ماذا ينتفع بالمشي أو حتّى بالجري إن استخدمه في طريق منحرف؟ لذلك فالخطوة التالية هي أن يجد الطريق المؤدّي إلى الموضع المطلوب... وهذا ما قصده بالطلب. لكن ما المنفعة إن صار قادرًا على المشي وعرف الطريق، بينما كان الباب مغلقًا... لهذا يقول: اقرعوا». فإن كان من لا يرغب في العطاء (مَثَلُ القاضي الظالم في إنجيل القديس لوقا 18: 1-8)، قد أعطى بسبب اللجاجة، فكم بالأكثر يعطي ربّنا الصالح الذي يحثّنا على الطلب منه؟! قد يُبطِئ الله في الاستجابة والعطاء لكي نُقدِّر قيمة الأشياء الصالحة، وليس لعدم رغبته بذلك. فما نشتاق إلى نيله بجهد ومثابرة، نفرح جدًّا عندما نحصل عليه، أمَّا ما نناله سريعًا فنحسبه شيئًا زهيدًا. بحسب العادة، يطلب المحتاج ممَّن يقدر على مساعدته، فإذا كان القادر مُحِبًّا للعطاء، فإنَّه يعطيه بسرور وبلا تردُّد. أمَّا ما يفوق ذلك، فهو أن يسعى القادر نحو المحتاج داعيًا إيَّاه أن يطلب وبلا حدود، واعدًا إيَّاه بأنَّه مهما سأل سيأخذ وينال! فهكذا أحبَّ الله العالم، حتَّى إنّه على أتمّ الاستعداد لأن يعطي وبلا حدود -إلى درجة أنَّه بذل ابنه الوحيد- لأجل خلاصنا (راجع يو 3: 16). إنّه عطاء المحبَّة الذي يفوق كلَّ توقُّعات المحتاج الذي يطلب ويسأل.. |
![]() |
|