![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() أنَّ من أحب العالم وتمرّغ في شهواته، قضى فى وقت ما لذة لم يصحبها ألم، أو راحة لم يتخللها تعب، أو تمتع بصحة جيدة دون أن يضعفها مرض، أو فرح لم يعقبه حزن.. هذه طبيعة الدنيا: تعد براحة وسرور وتُعطي كداً وتعباً، تعد بأفراح وتُعطى أحزاناً وبلايا، تعد بالشرف والكرامة وتُعطي الذل والإهانة، وهذا ليس واضحاً من خلال معاملات العالم القاسية مع كافة البشر. ولهذا السبب قال أحد الفلاسفة عند موت إسكندر الأكبر: "هذا الذي كان بالأمس يدوس الأرض بقدميه، الآن داسته الأرض بقدميها، بالأمس لم تكن الأرض كافية لتحقيق رغباته والآن يكفيه ثلاثة أشبار ليُدفن فيها "، وقد أشار فيلسوف آخر إلى التابوت الذهبيّ الذي وضع فيه قائلاً: " بالأمس كان إسكندر يكنز الذهب والآن قد صار مكنوزاً في الذهب "، فالمجد زال، والمُلك بطُل، والذهب قد صار له تابوتاً. مَن مِن الناس لم تمتد يد الدنيا إليه بالأذى، ومن لم يحيا فيها قلقاً من غدرها وخيانتها، فكثيراً ما قدمت لمحبيها طعاماً لذيذاً فى الغذاء، وفى العشاء كان المر طعامهم والعلقم شرابهم، وفى الوقت الذي نجد فيه أهل العالم يعيشون فى سلام تفاجئهم البراكين والحوادث فيهلكون وتنتهي حياتهم... هذا هو العالم وهذه هى حقيقته المرّة، والحكيم هو من يحيا في العالم دون أن يحيا العالم فيه، فيصير مثل السفينة، لا يغرقها وجودها فى الماء، وإنَّما يغرقها دخول الماء فيها. |
|