لا يظن أحد أن المسيح عندما نكّس رأسه وأسلم الروح (يو30:19)، أنَّه استسلم للموت عن ضعف، أو كمن يدفع الجزية لقوة قهرية، بل كمن يسلم نفسه للموت طوعاً برغبته، وقد قال مرّة: " لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً " (يو18:10) والدليل:
إنَّه عند موته صرخ " بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ " (مت50:27)،
فمن أين له هذه القوة الهائلة؟! روحه إذن لم تُغتصب اغتصاباً،
لكنّه هو الذي سلّمها بمحض إرادته فى يدي أبيه، فالمسيح
الذى كان قوياً فى حياته كان أيضاً قوياً فى مماته، ولهذا صحبت
صرخته العظيمة علامات خارقة: إنشقاق حجاب الهيكل، وزلزلة الأرض،
وتشقق الصخور، وتفتّح القبور، وقيام كثير من أجساد القديسين الراقدين (مت51:27،52)،
فمنذ الدهر لم نسمع أنَّ ميتاً قد أقام الأموات بموته ؟!!