ماذا يقول الكتاب المقدس عن دور ومسؤوليات الآباء الأتقياء
يتحدث الكتاب المقدس بحكمة وحنان كبيرين عن الدور المقدس للوالدين. فمنذ البداية، في سفر التكوين، نرى أن الله يعهد إلى الوالدين بعطية الأولاد الثمينة ويدعوهم إلى أن يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض ويخضعوها (تكوين 1: 28). يكشف هذا التفويض الإلهي عن المسؤولية القوية الملقاة على عاتق الوالدين كخالقين مشاركين مع الله، يرعون حياة جديدة ويشكلون مستقبل البشرية.
نجد في جميع أنحاء الكتاب المقدس توجيهات للآباء تُشدد على المحبة والتعليم والتكوين الروحي. في سفر التثنية 6: 6-7، نقرأ: "لتكن هذه الوصايا التي أُوصيكم بها اليوم على قلوبكم. غرسوها في أولادكم. وتحدثوا بها حين تجلسون في بيوتكم وحين تمشون في الطريق، وحين تنامون وحين تقومون". هنا نرى أن دور الوالدين لا يقتصر على توفير الاحتياجات المادية فحسب، بل أن يكونوا أول مُعلّمي الإيمان، مُرسّخين حق الله في نسيج الحياة اليومية (ويلكي، 2019).
يُقدّم سفر الأمثال حكمةً كثيرة للآباء، مُشجّعًا إياهم على تأديب أبنائهم بمحبة (أمثال 13: 24)، وإرشادهم إلى الطريق الصحيح (أمثال 22: 6)، وتعليمهم الحكمة (أمثال 4: 11). تُذكّرنا هذه التعاليم بأن التربية رحلةٌ من التوجيه الصبور، مُتجذّرةٌ دائمًا في المحبة ومُوجّهةٌ نحو خير الطفل الأسمى.
في العهد الجديد، نجد توجيهًا إضافيًا في أفسس ٦: ٤: "أيها الآباء، لا تُغيظوا أولادكم، بل ربوهم بتأديب الربّ وإنذاره". يُوازن هذا المقطع بشكلٍ رائع بين الحاجة إلى التأديب وأهمية رعاية روح الطفل، وتجنّب المعاملة القاسية التي قد تُثبّط عزيمته أو تُثير مرارته (فريكس، ٢٠٢٣).
يُقدّم الكتاب المقدس التربية كدعوة مقدسة، انعكاسًا لمحبة الله الأبوية لأبنائه. إنه دور يتطلب إيثارًا وحكمة، وقبل كل شيء، اعتمادًا عميقًا على نعمة الله. وبينما نسعى جاهدين لنكون آباءً صالحين، فلنتذكر كلمات المزمور ١٢٧:٣: "الأولاد ميراث من الرب، والذرية مكافأة منه". فلنُؤدّي هذه المهمة المقدسة دائمًا بتوقير وامتنان، والتزام بالمحبة كما أحبّنا الله.