منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 12 - 2024, 10:10 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,992

إله العناية




إله العناية

قد لا يجانبنا الصواب إذا قلنا إن إدراك وتقدير الخلائق العجماء لعناية الله كان في بعض الأحيان أكثر من الإنسان! وقد نندهش أنه من مملكة الطيور جميعها يبرز “الغراب” في الصدارة ليسرد لنا قصة عناية واهتمام الله القدير به! وهذا ما نفهمه من كلمات الرب لعبده أيوب: «مَنْ يُهَيِّئُ لِلْغُرَابِ صَيْدَهُ، إِذْ تَنْعَبُ فِرَاخُهُ إِلَى اللهِ، وَتَتَرَدَّدُ لِعَدَمِ الْقُوتِ؟» (أي38: 41)، فإن كان أبوا الغراب يهملانه ولا يكفلا له طعامه وشرابه، وهو حبيس عشِّه لا يقوى على الطيران بحثًا عمَّا يقتات به، فهناك في السماء إله قدير رحيم يرفع عينيه نحوه وينعب إليه مستغيثًا به! وهذا ما أكَّده الرب وهو يشجِّع تلاميذه: «تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا» (لو12: 24).
وهنا نتوقف قليلاً لنحاول أن نتعرَّف على ما تعنيه كلمة “عناية الله”؟ ومن هم الذين يمكنهم أن يحظوا بهذه العناية الفائقة؟ وما هو الغرض الذي يقصده الرب من إظهار هذه العناية الرائعة؟
قد يتبادر إلى ذهننا، لأول وهلة، أن عناية الله هي نفسها رعايته. ولكن بشيء من التدقيق في كلمة الله، نفهم أن دائرة عناية الله أشمل وأوسع من دائرة رعايته. فعناية الله - كما سبق وذكرنا - تشمل الخلائق العجماء، كما تشمل البشر عمومًا، من لهم علاقة معه أو حتى البعداء عنه. بينما رعاية الرب خاصة فقط بالذين ارتبطوا به وصارت لهم علاقة حقيقية معه.
إن إظهار الرب لعنايته هو أمر قديم قِدَم الإنسان نفسه، كما أنه حديث حداثتنا نحن، إذ ما زلنا إلى يومنا هذا ننعم بروعة عنايته! وأستطيع أن أقول إن عناية الله شملت الخليقتين: الخليقة الأولى والتي رأسها آدم، الإنسان الأول؛ والخليقة الجديدة والتي رأسها المسيح، آدم الأخير.
الإنسان الأول
لقد ظهرت عناية الرب الفائقة مع رأس الخليقة الأولى، آدم؛ وهذا ما نلمسه من تتبعنا لمعاملات الرب معه: لقد خصَّه بالبركة «وَبَارَكَهُمُ اللهُ»، وجعله مثمرًا «وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ»، وأعطاه سلطانًا «وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ.. »، ثم أعطاه طعامًا بوفرة «وَقَالَ اللهُ: إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا». ووضعه في أروع مكان «وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ»، ليعمل في أجمل مناخ «لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا»، كما جلب له أجمل معينة «وَبَنَى الرَّبُّ الإِلَهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ» (تك1: 28، 29؛ 2: 15، 22).
كل هذا إنما يُجسِّم أمامنا اهتمام وعناية هذا الإله الصالح والعظيم بآدم، ليدرك آدم أن هناك إله عظيم وقدير يتحكم بكل حكمة ومهارة في مقاليد الأمور، من ثم يُظهر طاعته وخضوعه لهذه الإله الذي يسخِّر كل شيء لراحته وخيره، الأمر الذي أبرزه الرب لآدم بإعطائه تلك الوصية البسيطة: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا» (تك2: 16، 17). وهنا نرى الغرض الأول من إظهار الرب عنايته للبشر، أن نعترف بسيادته وسلطانه مظهرين طاعتنا وخضوعنا لمن يعتني بنا.
الإنسان الثاني
وإن تحوَّلنا عن الإنسان الأول إلى الإنسان الثاني، أعني الرب يسوع، نجده أيضًا حظي باهتمام وعناية الله به، تلك العناية التي رافقته من مولده حتى نهاية حياته! استمع إلى كلمات هذا الإنسان الكامل، موضوع عناية السماء، وهو يُخاطب أباه السماوي: «لأَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ الْبَطْنِ. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي. عَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ الرَّحِمِ. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلَهِي» (مز22: 9، 10). ما أروع هذه الكلمات! وما أبدع المشاهد التي تُصوّرها لنا، والتي تُظهر بصورة راقية مدى حرص وعناية السماء بهذا المولود المميَّز!
إن لكل طفل يولد يدين تستقبلانه قبل أن يواجه هذا العالم الجديد الذي خرج إليه، كما أن أول صوت يُسمع من أي طفل يُولد هو الصراخ والبكاء، إلا أن هذا الطفل البديع كان له شأن آخر، فاليدان اللتان استقبلتاه في هذه الحياة كانتا يدا الآب السماوي. وأكاد أُجزم إنه الطفل الوحيد الذي واجه الحياة بدون صراخ أو بكاء، وكيف يبكي وهو أُلقي من الرحم بين يدي الله القدير؟!
وليس فقط يدا الآب السماوي جذبتاه من البطن، بل نراه أيضًا ينعم بالطمأنينة والهدوء والسلام وهو ما زال طفلاً على ثديي أمه. ما من شك أن يوسف والمطوبة مريم خالجهما كثير من الانزعاج والاضطراب وهما يهربان إلى مصر، ومعهما الصبي “يسوع” خوفًا من بطش هيرودس. وإن كان الجو المحيط بهما يبعث على القلق، إلا أننا لا نشك لحظة أن الوحيد الذي كان هادئًا ومطمئنًا في هذا المشهد هو ذاك الذي قال بروح النبوة: «جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنًّا عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي»!! فكيف ينزعج وهو موضوع عناية واهتمام السماء؟!
وإذ ننتقل إلى المشهد الثالث والذي يُعبِّر عن طابع حياته العام من مولده حتى نهاية حياته، فإننا نلمس عناية السماء به، وقد عبَّر هو عنها بالقول: «مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلَهِي». تأمَّله .. رجل البراري، الذي قال يومًا: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (مت8: 20)، كيف كان يقضي لياليه بمفرده وسط مخاطر البراري على الجبل (مت14: 23؛ لو21: 37؛ يو6: 15)؟! إلا أنه كان يُدرك أنه محاط بعناية السماء، فانطبقت عليه كلمات المرنم: «اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلَهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ» (مز91: 1، 2). بل تأمله ليس وسط البراري فحسب، بل وسط البحر أيضًا، وليس في سكونه وهدوئه، بل في اضطرابه وهياجه، حتى إن تلاميذه، الذين كان أكثرهم رجال بحر، خارت قواهم وامتلئوا خوفًا وهلعًا، غير أننا نراه هو نائمًا على وسادة في مؤخَّر السفينة (مر4: 37، 38)، وكأن لسان حاله: «بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضًا أَنَامُ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِدًا فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي» (مز4: 8). بل انظر إليه وهو الذي لم يملك يومًا دينارًا واحدًا، إلا أننا نراه من جهة لم يرتبك بخصوص معيشته، ومن الجهة الأخرى نرى السماء وقد دبَّرت هذا الأمر من خلال نساء لازمنه وارتبطن به، فنقرأ: «وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ» (لو8: 3).
بل انظر إلى عناية الله به ليس فقط في حياته بل أيضًا في مماته .. كيف دبَّر له من يقوم بإكرامه، ففي تكفينه أحضر نيقوديموس «مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَنًا»، وفي دفنه هيَّأ يوسف الذي من الرامة «قَبْرًا جَدِيدًا لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ» (يو19: 38-41).
وإن تساءلنا: ما الغرض من إظهار تلك العناية الفائقة بهذا الشخص المجيد؟ نقول ليس ليعلن خضوعه وطاعته للسماء، كما هو الأمر مع آدم الأول، إذ إنه لم يكن بحاجة لِما يُحفِّزه لطاعة الآب، إذ كان بحق الطائع الفريد الذي وُجد على الأرض، وهو الذي قال: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ» (يو4: 34)، بل في سبيل إظهار طاعته للآب ذهب إلى الصليب وقَبِل أن يموت، إذ «أَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ». وإن كان آدم الأول في طاعته لم يكن يفعل شيئًا فوق العادة، إذ على الجبلة أن تخضع لجابلها، إلا أن الأمر يختلف تمامًا مع الرب يسوع، إذ «مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ» (عب5: 8). كلا، ليس ليظهر خضوعه وطاعته للآب، بل ليظهر مدى تقدير وإعزاز السماء لذلك الشخص الفريد.
نسل آدم الأول
كما أن عناية السماء ظهرت مع آدم الأول فلقد ظهرت أيضًا مع نسله، حتى الأشرار منهم! فقد نندهش أن أول شرير وأول قاتل، حظيَ بعناية الرب له! تأمَّل في ذلك الرجل الدموي، ويديه ملوثتين بدم أخيه، وهو يشكو الله من أنه طرده عن وجه الأرض، وقد صار مهدَّدًا بالقتل. بماذا أجابه الرب؟ وكيف تعامل مع مَن جعل الأرض تشرب لأول مرة دم الإنسان؟ ما أعظم ذلك الإله الذي صفاته وكمالاته لا يحدها شر الإنسان وفساده، إذ نسمعه يقول لقايين: «كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَايِينَ فَسَبْعَةَ أَضْعَافٍ يُنْتَقَمُ مِنْهُ»، وليس ذلك فقط بل أيضًا «جَعَلَ الرَّبُّ لِقَايِينَ عَلاَمَةً لِكَيْ لاَ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ» (تك4: 14، 15)!!
وإن تساءلنا لماذا يُظهر الرب عنايته لشرير أثيم كهذا؟ أقول لعلَّ ما يحظى به هذا الشرير من لطف وعناية من الله يجعله يُعيد حساباته ويرجع عن خطئه ويتوب إلى الله، وبلغة الرسول بولس «لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ» (أع17: 27). لذا أقول كم هو جّدُ خطير أن يستخف الإنسان في بُعده وتيهانه بمعاملات الله الرقيقة معه، فلا يصغي لتحذير الرسول: «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟» (رو2: 4).
نسل آدم الأخير
وإن حظي نسل آدم الأول، بعناية الله، فليس أقل من أن يحظى نسل آدم الأخير بعناية الله، بل وبعناية فائقة ورائعة. وكم هو مُعزٍّ ومنعش لنا أن نُلقي نظرة على أول شهيد من نسل آدم الأخير، أي أول شهيد في المسيحية؛ أعني به “استفانوس”. لقد واجه ميتة بشعة وقاسية، هي الرجم بالحجارة. لكن ما أروع العناية التي حظيَ بها ذلك الشهيد الأول! فمن نظيره استطاع أن يرى ما رآه: «مَجْدَ اللهِ... يَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ الله». أيمكن مع روعة ما رآه وهو ممتلئ من الروح القدس أن يشعر بوطأة الحجارة وهي تنهال عليه؟ إن ما أظهره بعد ذلك إنما يكشف لنا عن حالة هذا الشهيد المُحاط بعناية الله، فلا نسمعه يتوجَّع أو يتأوه والحجارة تنهال عليه، بل على العكس، نسمعه مشغولاً، لا بما يحيط به من غوغاء مشحونين حنقًا وغيظًا عليه، بل مشغولاً بالسماء، وبمن في السماء، إذ نسمعه يقول: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ». وإن انتبه أخيرًا لمن هم حوله، فلا نراه ينظر إليهم بشيء من المرارة أو الغضب، بل بالحري يطلب لهم الصفح والغفران «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ» (أع7: 54-60).
وإن تساءلنا ما الغرض من إظهار عناية السماء لمثل هذا الشهيد؟ أقول ليدرك الجميع تقدير السماء له، وأنه «عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ» (مز116: 15). كما أن عناية السماء به تمدّه بالقوة وتمنحه تعزية لمواجهة الصعاب والآلام العنيفة والقاسية. وأيضًا تكون شهادة صريحة للجميع لمصداقية ما يؤمن به، وحقيقة الإله الذي يعبده. ولا شك أن وجود شاول الطرسوسي في هذا المشهد، والذي كان أولاً «رَاضِيًا بِقَتْلِهِ» (أع8: 1)، كان له تأثيرٌ فعالٌ عليه بعد ذلك، ليدرك طبيعة هذا الإله الذي يعتني بمن هم له، ويُعطيهم القوة والمعونة لمواجهة الصعاب. وإن ما حدث في سجن فيلبي خير دليل على ذلك (أع16: 25-34).
الغربان
وإن رأينا بعضًا من أغراض الرب في إظهار عنايته لرأس الخليقتين؛ آدم الأول وآدم الأخير، ولنسليهما الأشرار منهم والأبرار، فما هو غرض إظهار عنايته للخلائق العجماء، والتي أشرنا إليها في بداية المقال؟ إنني أرى في ذلك شيئًا من عظمة هذا الإله الذي لا يكُف عن أن يُظهر عنايته لخليقته في كل صورها. نعم هو يُسر أن يُظهر عنايته لطائر غير مرغوب فيه، هو بحسب الشريعة نجس (لا11: 15).
لكن هناك شيئًا آخر يلفت انتباهنا من استخدام الرب لهذا الطائر بالذات، وهو يعتني بنبيّه إيليا، عندما كان يرسله إليه بخبز ولحم صباحًا ومساءً. فهل كان يصعب على الرب أن يعول إيليا أو يعتني به دون أن يستخدم الغربان؟ ألم يَعُل الشعب كله طوال أربعين سنة دون الحاجة إلى الغربان أو غيرهم، فلماذا قصد الرب هنا أن يستخدم الغربان؟ أعتقد أن في استخدام الرب للغربان درسًا لنا، وهو أن من سبق واختبر عناية الرب يستطيع بدوره أن يُظهر هذه العناية للآخرين، فالغربان سبق لهم أن اختبروا عناية الرب وإعالته لهم وهم بعد فراخ صغيرة، فمن المناسب أن يكونوا هم أنفسهم واسطة تُظهر عناية الرب وإعالته للآخرين. صحيح أن الغربان طيور عجماء غير عاقلة، ليس لديها عقل يُفكِّر ليربط الأحداث ويستخلص دروسًا وعبرًا، إلا أن الإنسان ليس كذلك، فقد حباه الله عقلاً به يُحلِّل معاملات الله المتنوعة، وإذ يُدرك صلاحه وعنايته، فإنه يمكنه أن يكون قناة رائعة لسريان عناية الله الجوَّاد للآخرين.
وهنا أختم كلامي لك أخي الحبيب بسؤالين: هل تمتعت يومًا بعناية هذا الإله الصالح؟ وإن كانت الإجابة “نعم”، وهي بالتأكيد كذلك، أسألك السؤال الثاني: هل تبغي بل تشتاق أن يستخدمك الرب في إظهار عنايته ولطفه للآخرين، كما فعل الإخوة مع بولس (أع27: 3)؟ وأرجو أن تكون إجابتك أيضًا “نعم”. فهذا من صُلب رسالتنا طالما نحن هنا على الأرض.

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
العناية بقط المانكس
العالم تصونه العناية الإلهية، إذ لا يوجد مكان لا تدركه هذه العناية
اخطاء كبيره في العناية بالبشرة 2014 ، اخطار في العناية بالجمال 2014
ما لا تعلمينه عن طرق العناية بالشعركل يوم يقدم خبراء العناية بالشعر أساليب جديدة ومتطورة للعناية به
العناية الإلهية


الساعة الآن 08:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025