الله محبة

والكتاب المقدس هو الكتاب الوحيد الذي أعلن هذه الحقيقة (١يو ٤: ١٦). والمحبة من طبيعة الله لأن الله ليس في حاجة أن يكتسب الفضائل. حاشا. فهو مصدر كل الفضائل وهو مانحها للبشر. ومن المنطقي أن كل فضيلة يكون لها أعمال تؤيدها وإلا أصبحت غير موجودة. فالنار من الطبيعي أن تُدفِئ والثلج لابد أن يُبَرِّد. فلابد إذن من وجود أعمال تدل على طبيعة الشيء. فكيف يكون الله محبة؟ وما هي الأعمال التى تدل على محبته؟ لا نستطيع أن نقول أن الله قبل أن يخلق الإنسان كان يعيش وحيدًا. حاشا. لأن الله منزه عن هذه المشاعر، كما أنه لا يوجد فراغ يحيط بالله. حاشا. فهذا كله من صفات الإنسان المحدود. ولكي تظهر محبة الله كان لابد أن يخلق آخر لكي يحبه وإلا أصبح الله يحب نفسه وهذه أنانية أي عكس المحبة. حاشا. وهذا الكائن الآخر المخلوق لابد أن يكون له كرامة خاصة وإلا أصبح الحب مجرد عطف وشفقة. فخلق الله الإنسان على صورته ومثاله. وعلى الرغم أن الله نفخ في الإنسان نسمة من روحه إلا أنه ذو طبيعة مادية وتحكمه قوانين المادة فهو مخلوق من تراب. والله يحترم هذه الطبيعة ويتعامل مع الإنسان من منطلقها. فالإنسان يحتاج إلى شيء مادي ملموس محسوس لكي يتعامل معه. فأعطاه الله شجرة معرفة الخير والشر لكي يضبط من خلالها حريته. فمن عدل الله أنه أعطي حرية للإنسان وإلا أصبح الله ديكتاتوريًا. حاشا. ومن رحمته أن يضبط هذه الحرية من خلال الطاعة وإلا تحولت الحرية إلى إنفلات ويضيع الإنسان في الشر ويهلك. فلابد أن تتحول الطاعة إلى شيء مادي يتناسب مع طبيعة الإنسان المادية. فأعطاه الله شجرة معرفة الخير والشر وهي وسيلة مادية لضبط حرية الإنسان ذو الطبيعة المادية. ولكن ما هو ثمن طاعة الإنسان لله؟ كما أن الشر له عقوبة الموت كذلك فإن الطاعة لها مكافأة الحياة، ولابد أن تكون هذه المكافأة مادية لكي تتناسب مع طبيعة الإنسان المادية. فأعطاه الله شجرة الحياة. فلو كانت شجرة معرفة الخير والشر وشجرة الحياة مجرد رموز وليس لهما وجود لأصبحت طبيعة الإنسان المادية أيضًا خيال وليس لها وجود وهذا مخالف للواقع. ولكن بعد فداء الله للإنسان سوف يتخلص الإنسان من طبيعته المادية في الحياة الأبدية، ولن يعد الإنسان فيما بعد مكانه في الجنة بين الأشجار ولكنه سوف يذهب إلى الفردوس ثم إلى الملكوت حيث الله والملائكة.