![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() تَدُلُّ شَهْوَةُ الجَسَدِ عَلَى الأَهْوَاءِ المُنْحَرِفَةِ فِي الطَّبِيعَةِ البَشَرِيَّةِ، وَهُنَا تَتَحَدَّدُ بِتَجْرِبَةِ الطَّمَعِ وَالجَشَعِ (تَحْوِيلُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى خُبْزٍ أَي الرَّغْبَةُ فِي "أَكْلِ" الدُّنْيَا كُلِّهَا!). وَتَقُومُ التَّجْرِبَةُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ يَسُوعُ مِنَ الحِجَارَةِ خُبْزًا، "مُرْ هَذَا الحَجَرَ أَنْ يَصِيرَ رَغِيفًا" (لُوقَا 4: 3)، وَذَلِكَ تَلْبِيَةً لِحَاجَةٍ جَسَدِيَّةٍ وَهِيَ الجُوعُ. يَنْطَلِقُ مَنْطِقُ إِبْلِيسَ الخَبِيثُ مِنَ الحَاجَةِ الطَّبِيعِيَّةِ وَالمَشْرُوعَةِ إِلَى الغِذَاءِ وَالعَيْشِ، وَتَحْقِيقِ الذَّاتِ وَالسَّعَادَةِ، لِيَدْفَعَنَا إِلَى الإِيمَانِ بِأَنَّ كُلَّ هَذَا مُمْكِنٌ بِدُونِ اللَّهِ، بَلْ بِالسَّيْرِ ضِدَّهُ. بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ يَسُوعَ كَانَ جَائِعًا، مُتْعَبًا بَعْدَ صَوْمِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْتَخْدِمَ قُوَّتَهُ الإلهيَّة لِإِشْبَاعِ حَاجَتِهِ الطَّبِيعِيَّةِ الخَاصَّةِ (الخُبْزِ). وَالطَّعَامُ أَمْرٌ طَيِّبٌ، وَلَكِنَّ التَّوْقِيتَ كَانَ خَاطِئًا. وَقَدْ جُرِّبَ لِإِشْبَاعِ رَغْبَةٍ طَبِيعِيَّةٍ بِطَرِيقَةٍ خَاطِئَةٍ أَوْ فِي وَقْتٍ خَاطِئٍ، فِي حِينِ يَجِبُ إِشْبَاعُهَا بِطَرِيقَةٍ صَائِبَةٍ وَفِي الوَقْتِ المُنَاسِبِ. لَمْ يَسْتَخْدِمْ يَسُوعُ قُوًى رُوحِيَّةً لِغَايَاتٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَلَا طَلَبَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُنْقِذَهُ بِطَرِيقَةٍ سِحْرِيَّةٍ عَنْ طَرِيقِ مُعْجِزَةٍ. رَفَضَ يَسُوعُ مَسِيحَانِيَّةً أَرْضِيَّةً تُنْسِيهِ أَنَّهُ إِنْسَانٌ مِنَ النَّاسِ، يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدَيْهِ مِثْلَ آدَمَ (تَكْوِين 3: 19). اِسْتَغَلَّ الشَّيْطَانُ الجُوعَ وَالحَاجَةَ الجَسَدِيَّةَ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ ابْنُ اللَّهِ. وَاسْتَنَدَ الشَّيْطَانُ إِلَى بُنُوَّةِ يَسُوعَ الإلهيَّة، وَهِيَ الَّتِي أَعْلَنَهَا الآبُ عِنْدَ اِعْتِمَادِ يَسُوعَ: "أَنْتَ ابْنِيَ الحَبِيبُ، عَنْكَ رَضِيتُ" (لُوقَا 3: 22)؛ فَاقْتَرَحَ إِبْلِيسُ عَلَى يَسُوعَ أَنْ يَسْتَخْدِمَ قُدْرَتَهُ العَجَائِبِيَّةَ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ الجُوعِ. أَمَّا يَسُوعُ فَرَفَضَ هَذِهِ التَّجْرِبَةَ وَقَاوَمَهَا، لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يُجْرِيَ مُعْجِزَةً لِمَنْفَعَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ. وَقَدْ صَدَقَ فِيهِ قَوْلُ الرَّسُولِ بُولُسَ: "لِأَنَّ المَسِيحَ لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ" (رُومِيَة 15: 3). وَخَيْرُ مِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ مَوْقِفُ يَسُوعَ مِنْ هِيرُودُسَ أَنْتِيبَاسَ الَّذِي كَانَ "يَرْجُو أَنْ يَشْهَدَ آيَةً يَأْتِي بِهَا يَسُوعُ، أَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ" (لُوقَا 23: 8-11). صَنَعَ يَسُوعُ مُعْجِزَاتٍ كَثِيرَةً فِيمَا بَعْدُ، لَا لِأَجْلِ نَيْلِ إِعْجَابِ الجَمَاهِيرِ، وَلَا كَوَسِيلَةٍ لِجَذْبِ النَّاسِ إِلَى الإِيمَانِ بِهِ، بَلْ صَنَعَهَا تَثْبِيتًا لِلَّذِينَ قَدْ آمَنُوا. وَقَدِ اسْتَنَدَ يَسُوعُ فِي جَوَابِهِ لإِبْلِيسَ عَلَى كَلِمَةِ اللَّهِ: "لَا بِالخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الرَّبِّ" (تَثْنِيَةُ الِاشْتِرَاعِ 8: 3). مُؤَكِّدًا رَغْبَتَهُ فِي تَرْكِ نَفْسِهِ بِثِقَةٍ تَامَّةٍ لِعِنَايَةِ أَبِيهِ السَّمَاوِيِّ. لَيْسَتِ الخَطِيئَةُ فِي الفِعْلِ ذَاتِهِ، أَي تَحْوِيلِ الحِجَارَةِ إِلَى خُبْزٍ، بَلْ فِي سَبَبِ الفِعْلِ وَدَافِعِهِ، وَهُوَ إِخْرَاجُ يَسُوعَ مِنْ مُخَطَّطِ اللَّهِ. اِسْتَطَاعَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَدْفَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّذَمُّرِ عَلَى اللَّهِ وَالِاسْتِقْلَالِ عَنْهُ بِحُجَّةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (خُرُوج 16: 3). لَكِنَّ المَسِيحَ أَظْهَرَ لِإِبْلِيسَ أَنَّهُ لَا يَتَذَمَّرُ عَلَى أَبِيهِ بِسَبَبِ جُوعِهِ، لِأَنَّ عِنْدَهُ كَلَامَهُ، وَهَذَا أَهَمُّ مِنَ الطَّعَامِ الجَسَدِيِّ، وَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ عَنْ مَشِيئَةِ الآبِ، وَلَا يَسْعَى لِلتَّخَلُّصِ مِنَ الجُوعِ إِلَّا بِأَمْرِهِ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ: "طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ بِمَشِيئَةِ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأَنْ أُتِمَّ عَمَلَهُ" (يُوحَنَّا 4: 34). وَبِهَذَا الأَمْرِ دَلَّ يَسُوعُ عَلَى أَنَّهُ يَحْيَا مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ، بَلْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ كَلِمَةُ اللَّهِ بِالذَّاتِ (يُوحَنَّا 1: 1). كان مَوْقِفُ يَسُوعَ مِنَ التَّجَارِبِ: - الِانْتِصَارَ عَلَيْهَا بِكَلِمَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ التَّامَّةِ لِلآبِ. - رَفَضَ كُلَّ إِغْرَاءٍ يُقَدِّمُهُ لَهُ الشَّيْطَانُ. - لَمْ يَسْتَخْدِمْ قُوَّتَهُ الإِلَهِيَّةَ لِأَغْرَاضٍ شَخْصِيَّةٍ. - اِعْتَمَدَ فِي كُلِّ مَوَاقِفِهِ عَلَى الطَّاعَةِ الكَامِلَةِ لِلآبِ. - أَثْبَتَ أَنَّ الخَلَاصَ يَأْتِي بِطَرِيقِ الصَّلِيبِ، لَا بِالطُّرُقِ البَشَرِيَّةِ السَّهْلَةِ. - كَانَ مِثَالًا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مُوَاجَهَةِ التَّجْرِبَةِ بِالثَّبَاتِ وَالإِيمَانِ. وَبِهَذَا، كَانَ يَسُوعُ "آدَمَ الجَدِيدَ"، الَّذِي اِنْتَصَرَ فِي المَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ آدَمُ الأَوَّلُ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|