الحية المثبتة على رأس الساري كانت تشفي أولئك الذين لدغتهم الحيات. فالحية النحاسية التي بلا حياة قد أبطلت فعل سم الحيات التي فيها حياة. وهذا رمز إلى جسد الرب. فالجسد الذي أخذه من العذراء، قد قدمه على الصليب، وعلقه هناك مثبتاً على الخشبة، وهذا الجسد المائت على الصليب غلب وقتل الحية التي تعيش وتزحف داخل القلب. فهو أعجوبة عظيمة: كيف أن حية ميتة قتلت حية عائشة، ولكن كما أن موسى صنع أمراً جديداً لما عمل حية من نحاس، هكذا الرب ايضاً قد صنع شيئاً جديداً من العذراء مريم، ولبس هذا الجسد بدلاً من أن يحضر معه جسداً من السماء، فالروح السماوي دخل في الطبيعة الانسانية وعمل فيها، وجعلها تدخل في شركة مع اللاهوت اذ لبس الجسد البشري الذي صوره وشكله في بطن العذراء، وكما أن الرب لم يأمر بصنع حية من نحاس في العالم الا في عهد موسى، هكذا ايضاً لم يظهر في العالم جسد بلا خطية الا جسد الرب يسوع. لأنه حينما تعدى آدم الأول الوصية، ملك الموت وتسلط على جميع أبنائه بدون استثناء ولذلك جاء الرب وغلب بجسده المصلوب الحية العائشة.
وهذا الأمر العجيب "هو لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" [22] ولكن ماذا يقول الرسول؟
يقول: "ولكننا نكرز بيسوع المسيح وإياه مصلوباً، وهو لليهود عثرة ولليونانيين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فالمسيح قوة الله وحكمة الله" [23]، لأن الحياة هي في الجسد المائت على الصليب. هنا الفداء. هنا النور]