عندما تراكم الحزن على نفسه، وحينما عايَن من بعيد أعماق الألم ومرارة الكأس التي سيشـربها، نراه يقبل الكأس من يد أبيه. ثم يجتاز وسط العار والاحتقار في تسليم وخضوع تام. وعندما شُتم لم يشتم عوضًا، ولمَّا تألم لم يكن يُهدِّد، بل كان يُسلِّم لمَن يقضـي بعدل. بل وسط كل هذا - بأحقائه المُمنطقة - كالخادم الأمين الكامل، نراه يُفكر في ضربة بطرس الجسدية التي قطعت أُذن ملخس عبد رئيس الكهنة، ثم يلمسها ويشفيها، مُصلحًا بهذا العمل اندفاع بطرس المسكين. ثم تستمر عيناه على بطرس، إنه يفكر فيه كمَن يحتاج إلى عنايته الخاصة. وفي اللحظة التي صاح فيها الديك التفت إلى بطرس ليُنبهه إلى المسافة الطويلة التي ابتعدها قلبه عن ربه وسيده. وعندما كان أعداؤه يُحاكمونه، رغم معرفتهم بأنه بريء، وقف صامتًا أمامهم لأنه كان يُسلِّم لمَن يقضـي بعدل. لقد كان «مِثلَ إِنسَانٍ لاَ يَسمَعُ، ولَيسَ فِي فَمِهِ حُجَّةٌ» ( مز 38: 14 ).