![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات في سفر الرؤيا (25) ..أسد وحمل .. وجامات, وبخور, وقيثارات(2) ![]() بقلم قداسة المتنيح: البابا شنودة الثالث ٢٠ سبتمبر ٢٠١٤ ويقول الرائي أيضا عن هؤلاء الشيوخ الأربعة والعشرين: ولهم جامات من ذهب مملوءة بخورا هي صلوات القديسين. وهنا نسأل كيف يمكن أن صلوات القديسين تصعد إلي فوق, في المجامر التي في أيدي هؤلاء الشيوخ؟ لماذا لم تصعد إلا عرش الله مباشرة, وإنما تذهب إلي جامات هؤلاء الشيوخ أولا لكي يوصلوها إلي عرش الله؟! ألا يدل هذا في وضوح علي شفاعة هؤلاء الشيوخ الذين أمام العرش في توصيل الصلوات إلي الله. ألا يذكرنا هذا أيضا بما يفعله الأب الكاهن, حينما يمر بالبخور أثناء قراءة البولس علي الشعب, ثم يعود إلي الهيكل ويقول: يا الله الذي قبل اعتراف اللص علي الصليب, اقبل إليك اعترافات شعبك, فياليت كل واحد أثناء مرور الأب الكاهن بالبخور, يقدم طلباته إلي الله, لكي تجمع هي أيضا وتدخل في الجامات الأربع والعشرين. * * * ثم ما معني أن صلوات القديسين تصعد إلي الله كرائحة بخور؟ رائحة البخور دائما تصعد إلي فوق, وكذلك صلوات القديسين.. ليس كذلك الأشرار, ليسوا كذلك, فالكتاب يقول: إن صلواتهم هي مكرهة للرب (أم15:8). أما صلوات القديسين فهي التي تصعد إلي فوق. وتصعد كرائحة بخور, لأن البخور رائحته زكية, تدخل إلي السماء كنسيم عطر, يتنسم الرب منها رائحة الرضا (تك8:21). وصلوات القديسين تشبه برائحة البخور, لأن البخور يحترق بالنار أولا ثم يصعد إلي فوق. ولا يمكن أن يصعد إلي فوق إلا إذا احترق أولا.. هكذا القديسون يسكبون ذواتهم سكبا. والمحبة التي في قلوبهم مثل النار, تحول صلواتهم إلي بخور, فتشتعل وتفوح وتصعد وتنتشر. فهل صلاتك أيها القارئ العزيز تصعد إلي فوق, كرائحة بخور, مثل صلوات القديسين؟ أم هي لا تصعد أبدا؟! هل هي معطرة باللبان والميعة والسليخة, وكل أذرة التاجر (نش3:6)؟ أعني هل فيها الإيمان والحب والخشوع والفهم والاتضاع, وباقي هذه الصفات التي تصعدها كرائحة بخور..؟ اهتم جدا بهذه النقطة, لأنك تقول لله في صلاتك: لتدخل طلبتي إلي حضرتك, ولتكن صلواتي مقبولة فلتستقم صلاتي كالبخور قدامك, وليكن رفع يدي كذبيحة مسائية. * * * نقول هذا, لأنه ليست كل صلاة تصعد إلي فوق.. بل هناك خطايا تجذب صلوات البعض إلي أسفل, فلا تصعد. مثال ذلك صلوات المرائين, الذين يحبون أن يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع, لكي يظهروا للناس (مت6:5). حقا إن كل صلاة مخلوطة بالبر الذاتي لا يقبلها الله كصلاة الفريسي في مثال الفريسي والعشار (لو18:11, 12). كذلك صلاة الحقد التي تطلب فيها ضررا لعدوك. هذه يجذبها الحقد إلي أسفل, فلا يمكن أن تصعد إلي فوق. عكس ذلك صلاة القديس إسطفانوس الشماس الذي قال أثناء رجمه يارب, لا تقم لهم هذه الخطية (أع7:60). هذه بلاشك قد صعدت إلي السماء كرائحة بخور, لأنها كانت مخلوطة بمحبة الأعداء, حسب وصية الرب أحبوا أعداءكم, باركوا لاعنيكم.. (مت5:44). * * * هناك صلوات أخري يرفضها الله.. كصلوات أولئك الخطاة الذين قال لهم الرب: حين تبسطون أيديكم, أستر وجهي عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع, أيديكم ملآنة دما (أش1:15). وأيضا مثل الذين قال عنهم الرب: يقترب إلي هذا الشعب بفمه, ويكرمني بشفتيه. وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا (مت15:8). إن الصلاة التي تخرج من الفم فقط, وليس من القلب لا يمكن أن تصعد إلي فوق. أيضا الصلاة الخالية من التوبة ومن الاتضاع هي مرفوضة من الله. عكسها صلة العشار الذي قال بكل انسحاق: ارحمني يارب فإني خاطئ (لو18:13). وكذلك صلاة اللص التائب حينما قال: اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك (لو23:42). إن صلاة التوبة والاتضاع, هي التي تصعد كرائحة بخور. * * * هناك أشخاص لم تكن صلواتهم فقط كرائحة بخور, بل حياتهم كلها رائحة بخور. مثال ذلك ما قلناه في تأملاتنا في سفر النشيد من الآية التي تقول: من هذه الطالعة من البرية, كأعمدة من دخان, معطرة بالمر واللبان وكل أذرة التاجر (نش3:6). * * * الشيوخ الأربعة والعشرون لم تكن لهم فقط جامات من ذهب مملوءة بخورا, حيث كانت لهم أيضا قيثارات من ذهب, وهم يترنمون ترنيمة جديدة. كل واحد منهم له قيثارة, يعزف عليها لحنا جديدا, ويغني للرب أغنية جديدة. يشدو بجمال الرب وجمال ملكوته. إن كنت أيها القارئ العزيز لم تعرف الموسيقي علي الأرض, ولم تعرف القيثار والمزمار والعشرة أوتار, فسوف تتعلم الموسيقي فوق في السماء. بل ستجد حياتك كلها أنشودة موسيقية ولحنا أتخيل قديسا مثل داود النبي.. وهو موسيقي ممتاز يقف فوق في السماء وهو يقول لجماعة المفديين غنوا للرب أغنية جديدة (مز96:1) (مز98:1). بل يقف وينشد أمام الله أنشودة من كل القلب, ممتزجة بكل المشاعر العميقة, وبكل عواطف الحب. والرب يسمعها ويقول: من أجل داود عبدي (1مل11:13). * * * هذه الموسيقي هي التي دعا إليها القديس بولس الرسول فقال: بمزامير وتسابيح, وأغان روحية.. مترنمين في قلوبكم للرب (كو3:16). وقال نفس العبارة في (أفسس5:19). بل أنا أتصور السماء كلها كفرقة موسيقية تغني للرب وتسبح وقد ذكر سفر الرؤيا فرقة موسيقية أخري متخصصة في ترنيمة جديدة, يترنمون بها أمام العرش, وأمام الأربعة حيوانات والشيوخ, ولم يستطع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا المائة والأربعة والأربعون ألفا.. (رؤ14:2, 3). وكان صوتهم كصوت ضاربين بالقيثارة, يعزفون بقيثاراتهم. |
|