نتدرب أيضًا كيف نغذى أرواحنا بمحبة الله. ونغذيها أيضًا بكلمة الله، لأنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4). ونغذيها بالحديث مع الله في الصلاة بعمق وحب، وفهم وروحانية. كما كان القديسون يصلون، فتسبح أرواحهم في كلمات الصلاة ويجدون فيها أعماقًا للتأمل. حتى أنهم من حلاوة كلام الصلاة في أفواههم، ما كانوا يستطيعون بسهولة أن ينتقلوا من كلمة إلى أخرى..
إن لم ندرب الروح على كل هذا، ماذا يكون مصيرها حينما تنتقل إلى السماء؟ كيف تحيا هناك وكيف تسلك؟! نعم، إن كانت الروح مرتبطة بالجسد كل الارتباط، وكل متعتها في شهواته. فعندما تفارق الجسد، كيف تحصل على متعتها بعيدًا عنه إلى يوم القيامة؟ وماذا يكون عملها؟ إنه سؤال يحتاج إلى جواب..! والجواب الذي أعرفه، هو أنه يجب أن نتدرب ونحن هنا على متعة الروح. أي متعتها وهى قائمة بذاتها، وليس من خلال الجسد.. ومتعة الروح تجدها بلا شك في الروحيات في الله في التأمل في الإلهيات، في الغذاء الروحي كما قال الكتاب "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية" (يو 6: 27). هل فكرتم يا أخوتي في طعام الروح وكيف يكون ومما يتكون؟
على قدر محبة الروح لله هنا، تكون متعته به في السماء. ففي السماء لا يكون الجميع في درجة واحدة، ولا على مستوى واحد في المتعة الروحية. بل كما يقول الكتاب "لأن نجمًا يفوق نجمًا في المجد" (1 كو 15: 41). كل سكان السماء يتمتعون بالنعيم الأبدي. ولكن كل واحد منهم تكون له درجته الخاصة. مثل قوارير مختلفة الأحجام، وكلها ممتلئة لا تشعر واحدة منها بنقص. ولكن الكمية التي في واحدة، غير التي في الأخرى. في هذه أكثر من تلك بكثير. ولكن الكل ممتلئ.
يذكرني هذا برسالة أرسلها أحدهم برسالة أحدهم إلى شيخ روحاني يستأذنه فيها بلقاء قبل تدركه الوفاة، إذ كان ذلك الشيخ كهلًا وفي أيامه الأخيرة. فقال له رسالته "هنا يا أبى يمكنني أن أراك، قبل أن تغادر عالمنا، وتكون في درجة عالية في السماء ليس بإمكاني الاقتراب منها".