![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأسنيون ![]() ويذكر يوسيفوس فلافيوس بالإضافة إلى الفريسيين والصادوقيين فئة ثالثة وهي فئة الأسنيون ويقدمها مثل الفئتين الأخريين على أنها مدرسة فلسفية. ونلاحظ إله العهد الجديد يذكر كثيراً الفريسيين والصادوقيين في حين إنه لا يذكر إطلاقاً الإسنيين. ونجد بعض المعلومات المتناثرة عن الإسنيين في كتابات فيلون الإسكندري و يوسيفوس فلافيوس ونظراً لطبيعة كتابات هذين الكاتبين، التي تهدف إلى تقديم الإسنيين إلى القرار الهلليني فيجب قبل قبول كل ما يقولانه وبالطريقة التي يقولانه بها. كون الإسنيون حركة مستقلة عن العبرانيين. عاشوا في عزلة بعكس الفريسيين والصادوقيين الذين لعبوا دوراً كبيراً في سياسة البلد الاسم مشتق من الآرامية : الأتقياء. وربما يكون آخرون من خارج الجماعة هم الذين أطلقوا هذا الاسم عليهم. وربما يشير الاسم إلى أصلهم، لأن اليهود الذين واصلوا ثورة المكابيين كانوا يسمون أي الأتقياء المملوءين غيرة على الشريعة (راجع 1مكا 2: 42). ينتمي الأسنيون في الأصل إلى نفس الفئة التي أفرزت الفريسيين وإن كان الأولون يتميزون بطاعة شديدة للشريعة ولا يخفونها بأي حال من الأحوال. ووصل عدد هؤلاء – حسب رأي يوسيفوس و فيلون إلى 4000 عضواً وعاش معظمهم في فلسطين؛ وبعضهم في المدن أيضاً وكانوا يكونون جماعات قوية متماسكة لكي يتحاشوا النجاسة. وكانوا يعرضون عن الزواج وليس لأسباب نسكية لأن هذه غريبة على فكر اليهود وإنما كانوا يتحاشون التعامل والعلاقة مع المرأة لكي لا يتنجسوا. ومع ذلك كان هناك بعض الأسنيون المتزوجين، ولكنهم كانوا يرتبطون بزوجتهم لمدة محدودة (3 أو 4 سنوات) للتأكد من أن الزوجة قادرة على الإنجاب. وكانوا يعتبرون الزواج مجرد وسيلة للإنجاب وكانوا يمتنعون عن العلاقات الزوجية أثناء فترة الحمل. كان أهم ما يشغل الأسنيين هو الحفاظ على نقاء وطهارة عبادة الجماعة ككل وأعضائها كأفراد. وكان مراقبون يشرفون على حياة الإسنيين وكان على الجميع الخضوع للمشرفين. وكان يُعهد لكل عضو ينضم إلى الجماعة بفأس وثوباً أبيض. ويظهر هذا الأهمية الكبرى التي يوليها الإسنيين للطهارة: الفأس يستعملها الأسيني لكي يحفر حفرة عمقها قدم على الأقل ويدفن فيها مخلفاته وستر يخفي به أجزاء جسمه الحساسة لكي لا يخدش بهاء الله، أي الشمس. والثوب الأبيض يرتديه المطهرون. وكان المرشح لحياة الإسنيين يمر بسنة اختبار. فإذا اجتاز السنة بنجاح كانت يعهد إليه بالأعمال التي تشركه في طهارة الجماعة وبعد مرور سنتين أخريين كان يقبل كعضو عامل وكامل العضوية في الجماعة، عندئذ كان يسمح له بمشاركة الجماعة وجبات الغذاء الجماعية. وكان الأعضاء يضعون كل ممتلكاتهم تحت تصرف الجماعة وكانت هذه الخيرات تصبح ملكاً للجميع. وكانت الجماعة تعين مديراً يشرف على تصريف الأمور المادية. وكانوا يستيقظون قبل شروق الشمس للصلاة. بعدها ينطلقون للعمل في الحقول ويعودون للغذاء الجماعي. فكانوا يغتسلون بماء بارد ويرتدون الثياب البيضاء. وكان أحد الكهنة يصلي قبل وبعد الغذاء الجماعي. ثم ينطلقون مرة أخرى للعمل في الحقول ليجتمعوا مساء حول مائدة للعشاء الجماعي. وكانوا يحافظون بمنتهى الدقة على النظام اليومي. وكانوا يأكلون ما يكفيهم للاستمرار في الحياة. وكانوا يحافظون على الصمت التام. وفي الاجتماعات كانوا يتكلمون الواحد تلو الآخر حسب نظام دقيق معروف. وكان كل عضو قبل قبوله في الجماعة يتعهد رسمياً بالمحافظة على القوانين. وقبل أن يشارك العضو الجديد في الغذاء الجماعي كان يتفوه أمام الجميع بقسم هذا مضمونه: أن يكرم الإله، أن يقوم بواجباته تجاه الآخرين، ألا يتسبب في ضرر لأي إنسان لا يرغبه ولا تنفيذاً لأمر آخر، أن يكره الأشرار ويؤيد ويساند الصديقين أن يكون مخلصاً مع الجميع وخاصة مع الرؤساء. وتتكون الجماعة من 4 درجات منفصلة كل واحدة عن الأخرى بدقة شديدة. كان على العضو الجديد الابتعاد بقدر الإمكان عن الأعضاء القديمين بحيث لا يلمسه. وإن لمسه فيجب عليه أن يتطهر بالغسولات الخاصة. شريعة حفظ السبت كانت تنفذ بدقة شديدة. لا تقوم الجماعة فيه بأي عمل. الأكل كان يعد في اليوم السابع. وحتى قضاء الحاجة الطبيعية لم يكن مسموحاً للحفاظ على قدسية اليوم. وكان العضو الذي يخالف قوانين الجماعة ينال عقاباً صارماً. وإذا كان الخطأ جسيماً كان العضو يفصل من الجماعة. لم يكن مسموحاً للأعضاء بالكلام على غير الأعضاء عن حياة وقوانين وكتب الجماعة، ولا يذكر فيلون و يوسيفوس شيئاً عن كتب الجماعة. أما عن تعليمهم وإيمانهم فيؤكد فلافيوس أنهم كانوا يؤمنون بخلود النفس وإن نفس الإنسان سماوية ومصيره محدد مسبقاً وإن الجسد هو سجن النفس. وبالموت تتحرر النفس من قيود الجسد فتطير نفوس الصديقين إلى السماء. مكان الطوباويين، أما نفوس الأشرار فإنها تذهب إلى مكان العقاب لتنال ما تستحقه. ويظهر هنا تأثير الفكر الهلليني الخاص بتحديد مصير الإنسان مسبقاً. الاختيار الإلهي هو الذي يحدد الطريق الذي يسلكه الإنسان للخلاص إما للهلاك. يموت الجسد أما الروح عطية الله فلا يموت. وتتفق ملامح فكر الإسنيين التي يشير إليها يوسيفوس بلا تفاصيل مع تعاليم نصوص قمران اعتبر الأسنيون ذواتهم جماعة بني إسرائيل الطاهرة وكان هذا الاقتناع هو الذي يحدد حياتهم وإيمانهم، وهذا يبرر طريقة تفسيرهم للشريعة ومحافظتهم الدقيقة على شروط وطقوس الطهارة الشرعية. ويذكر بيلنيوس أن مركز تجمع الأسنيين كان على ضفاف البحر الميت. لم يكونوا يشاركون في الحياة العلنية، إلا أن طريقة حياتهم كانت محل إعجاب وتقدير الكثيرين خاصة أثناء التمرد ضد الرومان الذي شارك فيه بعضهم وحافظوا حتى النهاية وبشجاعة على شريعة إله إسرائيل ويمدح فلافيوس شجاعتهم واستهانتهم بالموت: وظهرت مشاعرهم في الحرب ضد الرومان فقد تحملوا الجلد والكي والحرق ولكل أنواع التعذيب لكي يجدفوا على معطي الشريعة أو يأكلوا نجساً. ولكنهم ظلوا أمناء وتحملوا بدون شكوى أو بكاء لا بل أنهم كانوا يبتسمون وهم يعذبون ساخرين من جلاديهم مضحين بحياتهم ليقينهم بأنهم سيستعيدونها مرة أخرى. اعتمد هذا العرض عن الأسنيين على المعلومات المستقاة من كتابات فيلون و يوسيفوس ولكن بعد اكتشافات قمران قام العلماء بدراسة وتحليل المخطوطات وتوصلوا إلى معلومات وتفاصيل هامة سنتعرض لها إذا كان هناك متسع من الوقت فيما بعد. |