![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() القس المؤتمن شمس الرئاسة أبو البركات بن كبر لما للغتنا العربية من غنى في المفردات والمرادفات، وبما تمتاز به من سجع وقافية وصور تعبييرية غنية، لغة حيه تنمو وتتطور بمرور الزمن، وقد أثر ذلك في الكُتاب الأوئل، بما يسمى التراث العربي المسيحي، وجدت انه من المُحبب أن أُبرز ذلك التراث من خلال التعرف على شخصيات تحدثت وكتبت وفكرت باللغة العربية وأغنت العقلة المسيحية وأثرت الكتابات المسيحية الأولى. أشهر علماء الكنيسة القبطية الموسوعيين الذين ظهروا في القرن الرابع عشر الميلادي؛ ولقد وُلد في القاهرة، أواخر القرن الثالث عشر وقد عاش في العقود الأولى من القرن الرابع عشر. العائلة من أب ثري ذو مال وجاه يدعي "الشيخ الأكمل الأسعد"؛ وكان يملك دارا فسيحة في مصر العتيقة؛ في درب سمي ب"درب ابن كبر": "هو بالمصاصة على يمنة من سقيفة خيره وهو غير نافذ وكان يسكنه هذا ابن كبر في ملكه ثم خرب ودثر"[1]، حيث كان أكابر القوم من وزراء وقضاة ورؤساء طوائف يعيشون وقتئذ. المؤهلات تلقى تعليمه الأول في الكتاتيب القبطية، ثم انكب على دراسة كتب الأدوية في مختلف العلوم المدنية والدينية واللغوية، ودرس الكتب الكنسية القديمة دراسة مستفيضة، وساعده على ذلك تقربه من الباباوات المعاصرين لاسيما البابا يؤانس الثامن البطريرك الثمانون، فأكمل بذلك ثقافته العلمية الدينية، أجاد اللغتين العربية والقبطية، وتعلم اليونانية والعبرية، ومن المحتمل؛ السريانية أيضاً[2]. العمل عمل كاتبا لضباط المماليك؛ ثم كاتبا للأمير "ركن الدين بيبرس المنصور"[3]، تقاعد عن عمله عام 1293م بعد اضطهاد السلطان "الملك الأشرف الخليل"[4]، للأقباط الذي قال "ما أريد في دولتي ديواناً نصرانياً"، فأبعد حُكام مصر كُتاب النصارى عن خدمة الأمراء. سيامته ودخلوه للسلك الكهنوتي وسيم قسيسًا في "الكنيسة المعلقة"[5] باسم القس برسوم، في عام 1300م (أو بعدها بقليل) أجمع أراخنة الشعب على اختياره كاهناً. وتلا أول خطبة كنائسية في الأحد الثاني من الصوم المقدس 1300م بمناسبة مجيء البطريرك الجديد البابا يؤانس الثامن إلى "دير شهران"[6] (منشورة في كتاب الجوهرة النفيسة في خطب الكنيسة)[7]. وأشتهر ابن كبر بالثقافة الموسوعية كما يظهر ذلك واضحًا في قائمة مؤلفاته. وبعد رسامته انعكف على دراسة الكتب في مختلف العلوم المدنية والدينية واللُغوية. ولقد عاصر ابن كبر في حياته ثلاثة من الآباء البطاركة هم:- 1- البابا ثاوضوسيوس الثاني (1294 -1300 ) البطريرك رقم 79.[8] 2- البابا يؤانس الثامن (1301- 1320 ) البطريرك رقم 80.[9] 3- البابا يؤانس التاسع (1320- 1327 ) البطريرك رقم 81.[10] وساعدت هذه الخبرات ابن كبر على أن يكون الشخصية الفلسفية اللاهوتية في ذلك الزمان، ويظهر ذلك من خلال أعماله ومؤلفاته. أعمال ابن كبر ومؤلفاته كان عالمًا فاضلًا ولاهوتيًا ضليعًا ومؤرخًا كنسيًا من المتضلعين في التاريخ الكنسي والطقوس وغيرها من العلوم الدينية. فقد وضع عددًا غير قليل من الكتب التي مازالت تعتبر مراجع أساسية للباحثين. أما مؤلفاته فهي كثيرة ومتنوعة؛ تنقسم إلى مؤلفات مدنية ومؤلفات دينية (كنسية). المؤلفات المدنية 1- اشترك مع بيبرس[11] في عملًا تاريخا أجاد فيه وأبدع، ويقال إن بيبرس صنف عمله بإعانة كاتبه ابن كبر النصراني وسمي العمل بـ "زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة". وذكر نفس المعلومة عنه المقريزي (1364- 1442) في الجزء الثاني من كتاب "السلوك لمعرفة دول الملوك"، فشهد لكتاباته المؤرخون المسلمون مثل المقريزي وابو المحاسن بن تغرى بردى.[12] 2- وفى مقالة للأستاذ حبيب الزيات بعنوان «هل كان ابن كبر شاعرا أيضا؟» نشرت في مجلة المشرق في عدد شهر نيسان ــ حزيران 1937، ذكر أنه عثر في المكتبة الأمبروسية بميلانو على قصيدة منسوبة لابن كبر في مدح الأمير بيبرس الدوادار قال فيها: خلقت مظفرا برا وبحرا وعزمك ماضيا شاما ومصرا وفكرك ثاقب في كل أمر ورأيك أسعد الآراء طرا وما سارت ركابك في جيش فمستهم يد العدوان قسرا ولا وليت عن حرب هزيما ولو كان للقاء جيش كسرى المؤلفات الكنسية قام الشيخ بن كبر بتأليف موسوعات في العلوم الكنسية واللغة القبطية والفلسفية الدينيَّة المسيحية. 1- أول ما كتب هو كتاب الميرون، وصف فيه المواد التي يتألف منها وكيفية طبخه بدقة متناهية. 2- كتاب «مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة»، ويعتبر دائرة معارف كاملة متكاملة؛ يتكون من 24 بابا تشمل كل ما يتعلق بالديانة المسيحية من عقيدة وتاريخ وطقس، وقد ذُكر أن الرحالة الألماني فانسليب (1635ــ 1679) عندما كتب كتابه الشهير «تاريخ كنيسة الاسكندرية» عام 1677م اعتمد بشكل رئيسي كما ذكر هو بنفسه في مقدمة الكتاب على المعلومات التي وردت في كتاب ابن كبر، ويتضمن هذا السفر العظيم جملة قوانين الكنيسة والمجامع وأخبار الرسل والتلاميذ وقواعد دينية وطقسية وتاريخية وأدبية، وتعد من أهم وأكبر الموسوعات الدينية[15]. ويبرز تواضع ابن كبر الشديد في المقدمة التي وضعها في أول الكتاب إذ قال فيها: «على أننى لست من العارفين بهذه الوظيفة ولا من القائمين ببعض حقوقها الشريفة؛ لكنني جمعت ذلك من الكتب المقبولة والفرائد المنقولة؛ والعرف المتداول في عصرنا والوضع المستعمل في مصرنا بحسب ما انتهت إليه القدرة واستوت عليه الفكرة؛ مستعينا بأبي الأنوار ومنير البصائر والأبصار؛ وأنا أتضرع إلى كل من تأمله أن يسد خلله ويتدارك زللـه؛ ويصلح ما لعله وقع فيه من السهو والتقصير واعترضه التقديم والتأخير؛ فليس يخلو من ذلك الماهر الفاضل والعالم والعامل والمحصل الكامل؛ فكيف من هو عرى من هذه الخلل؛ خلى من العلم والعمل؛ مليء بالخطأ والزلل».[16] وتوجد نسخة من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة الفاتيكان بروما مخطوط (623 عربي) يرجع تاريخها إلى 1333م؛ ونسخة في المتحف القبطي بالقاهرة؛ وأقدم مخطوط معروف لهذا الكتاب حتى الآن هو (203 عربي) بالمكتبة الأهلية بباريس، وهو منسوخ في حبرية الأنبا يؤانس العاشر، البطريرك الخامس والثمانين (1363 - 1369م)، وقد كانت الكنائس مغلقة لمدة 7 سنوات في حبرية البابا يؤانس الثامن فكانت هذه الموسوعة الطقسية كنز لحفظ الطقس؛ وأخيرا نسخة في دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر؛ ويوجد للكتاب أيضاً مخطوطات: ((مخطوط (351 لاهوت) بالدار البطريركية - 1460ش - 1744م؛ مخطوط (375 لاهوت) بالمتحف القبطي (1649ش)(1932 - 33 م)؛ مخطوط (347 لاهوت) بالدار البطريركية - الجزء الثاني، يبدأ من الباب العاشر وينتهي بالأخير؛ مخطوط (358 لاهوت) بالدار البطريركية - ينتهي بالباب السابع؛ مخطوط (314 لاهوت) مكتبة الدار البطريركية؛ ، مخطوط (177 مقدسة) مكتبة الدار البطريركية – (الباب الثالث والعشرين من كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة) للقس شمس الرياسة ابو بركات المعروف بابن كبر ويشتمل أيضا حساب الأبقطى))[17]. 3- معجم «السلم الكبير المقترح» معجم قبطي ــ عربي؛ وضعه عام 1324م في عشرة أبواب مقسمة إلى 30 فصلا؛ وترجم كل منها بالعربية الصحيحة. طبع في روما عام 1643م[18]، ونشر بالقبطية واللاتينية والعربية، ويعتبر من أنفس الكتب في القبطية. وله مخطوطات: (مخطوط (50 قبطي) بالمكتبة الأهلية بباريس، مخطوط (17 شرقيات) بمكتبة بودليان، مخطوط (8771 شرقيات) بالمتحف البريطاني)؛ النشرة الوحيدة الكاملة هي نشرة كِيرْشَر (٣٨-٢٧٢)، وهناك نشرات مستقلّة لأجزاء معيّنة. وقد نحى أبو البركات في عمله نحوًا ثالثًا مختلفًا، فقد قسّم السُلَّم إلى مواضيع في عدد من الأبواب بدءًا من الله، ويتشابه هذا المنهج مع منهج كُتُب تَعَلُّم اللغات الأجنبيّة، التي تجمع مجموعةً من الكلمات حول موضوعٍ معيّن، ومن هذه المواضيع يُرى أنّ المؤلُّف اطّلع على مصادر مختلفة بما فيها سير الشهداء لأنّه يورد بعض مصطلحات أدوات التعذيب. والكتاب مقسّم إلى عشرة أبواب، وعدد متتابع من الفصول. أفرد فصولا للكلمات المستعملة في كل موضوع أو مهنة؛ فجمع مثلا أدوات النجارة في فصل وأسماء الأنهار والجبال والتلال في فصل والحبوب والبقول والمزروعات في فصل.. إلخ. ومن النظر في أبواب الكتاب وفصوله نلاحظ جدّيّة العمل والمجهود الكبير الذي بُذِل فيه من تجميع الكلمات وترجمتها وتبويبها، ويمكن الاعتقاد أنّه اعتمد على السُلَّمَيْن السابقَيْن ولا سيّما سُلَّم المؤتمن[19]. 4- كتاب مراث وخطب ورسائل ومكاتبات " وهو باللغة العربية يحوي 51 موضوعا طبع منها 23 موضوعا في (كتاب الجوهرة النفسية في خطب الكنيسة).[20] 5- كتاب جلاء العقول في علم الاصول: الملقب بكتاب كشف الاسرار الخفية في اسباب المسيحية، يتضمن 18 فصلا في المعتقدات المسيحية وحدانية الله تثليث أقانيمه والتجسد الإلهي (توجد نسخة بمكتبة الفاتيكان وأخرى بدمشق).[21] 6- رسالتين في الرد على اليهود والمسلمين.[22] 7- رسالة البيان الاظهر في الرد على من يقول بالقضاء والقدر.[23] 8- ألَّف أيضًا خطبًا تتلى في الكنائس والأعياد والمواسم[24]. 9- وضع ابن كِبَر قائمة بأسماء المدن والقرى المصرية، وقد اعتبر تزييل لكتابه المعجم[25]. 10- كما وضع فهرسًا خاصًا لجميع الكلمات العبرية التي اقتبسها القبط من أسفار العهد القديم، وقد اعتبر تزيل لكتابه المعجم[26]. 11- المجموع المبارك وهو موجود بمخطوط (112 قبطي) (بورجيا) مكتبة الفاتيكان. وجده الراهب أثناسيوس المقاري في 21 يناير 2012م. نياحته لما وقع اضطهاد كبير في نهاية حياته على المسيحيين اختفى ابن كبر وقضى بقية ايامه في عزلة تامة في داره، ورتب مرتبه لنفسه عندما أحس بالضعف الشديد وقرب نهاية أجلة، حيث تنيح بسلام يوم 10 مايو 1324م في عهد البابا يؤانس التاسع ودفن على الأرجح في الكنيسة المعلقة. لكن ذكره سيبقى إلى الأبد؛ وإن مات فهو لازال يتكلم بعد. في علمه وابحاثه واشعاره ومرثياته. ومعاجمه التي حوتها. مكتبات المعارف والمخطوطات. في الاديار والمتاحف العالمية، وهو قد سبق وذكر انه استعان بالله ابي الانوار ومنير الابصار والذي يصلح وحده الخطأ والزلل، فله وحده الكمال. وعندما شعر باعتلال صحته ودنو أجله؛ كتب مرثية لنفسه: أموت ويبقي كل ما قد كتبته فياليت من يقرأ كتابي دعا ليا لعل إلهي أن يجود بعفوه ويغفر زلاتي وقبح فعاليا ختاماً ابن كبر كان ومازال منارة لكل الدارسين والباحثين عن الحقيقة المجردة في تراثنا القبطي العريق، اغنت كتاباته المكتبة القبطية العربية، فهو بالفعل رجل عصره والمدعو من الله ليكتب لنا ويترك لنا ميراثًا تتوارثه الأجيال، في ظل التيه الحاصل بين القيل والقال، حفظ لنا ما كتب سابقيه وأضاف وابدع بفعل الروح القدس الذي دعاه في وقته بعد كل الخبرات التي مر بها في عمله ونشاته، لان الله لا يترك نفسه بلا شاهد، والآن من خلال التعمق في شخصية ابن كبر وأعماله هو كان شاهد عصرة على اعمال الله وعظمة كنيسته. |
|