منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02 - 11 - 2025, 12:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,379,349

العِبْرَة في مَثَلَ الفِرِّيسيِّ والعَشَّارِ


أوضَحَ يسوعُ مَعنى المَثَلِ، وقالَ إنَّ العَشَّارَ هوَ الشَّخصُ الَّذي نالَ المَوقِفَ الصَّحيحَ أمامَ الله، لأَنَّهُ كانَ مُتَواضِعًا. أَمَّا الفِرِّيسيُّ، فَرَجَعَ إِلى بَيتِهِ غَيرَ مَبرورٍ، كَما كانَ مِن قَبلُ، لأَنَّهُ نَفَخَ ذاتَهُ أمامَ الله. دَخَلَ الفِرِّيسيُّ بَيتَ اللهِ مُتَعالِيًا مُمْتَلِئًا مِن ذاتِهِ، فَخَرَجَ خالِيَ الوفاض؛ أَمَّا العَشَّارُ، فَدَخَلَ مُفرَغًا مِن ذاتِهِ، لِيَملأَهُ اللهُ بنِعمَتِهِ. ومِن هُنا نَتَعلَّمُ العِبَرَ التّالية:



أ) الصَّلاةُ بروحِ التَّواضُعِ والتَّوبَة: يُعلِّمُنا مَثَلُ الفِرِّيسيِّ والعَشَّارِ كيفَ نُصَلِّي بروحِ التَّواضُعِ والتَّوبَةِ الحَقيقيَّة. فالعَشَّارُ يُمَثِّلُ الخاطِئَ الَّذي يَعرِفُ ضَعفَهُ، وهو في الوقتِ عَينِهِ رَمزٌ لِجَماعةِ الأُمَمِ الَّتي اشتاقَت إلى الخَلاصِ، رُغمَ افتِقارِها إلى المَعرِفَةِ وإِلى كُلِّ ما تَمَتَّعَ بِهِ اليَهودُ مِن عُهودٍ ووُعودٍ وشَريعَةٍ ونُبُوءَات. فَكُلُّ مَن يَتَّكِلُ على بَرِّهِ يَسقُط، وأَمَّا مَن يَتَّكِلُ على بَرِّ المَسيحِ شاعِرًا بِخَطاياهِ فَيَتَبَرَّر. وكَما قالَ شكسبير: "التَّواضُعُ يُحَطِّمُ الغُرور". فمَن يَتَّكِلُ على بَرِّهِ الذّاتِيّ، يَرى في نَفسِهِ كُلَّ الحَسَنات، ولا يَرى في غَيرِهِ إِلّا السَّيِّئات (راجع رؤيا 3: 17–19). ويقولُ القِدّيس أوغسطينوس: "تَشبَّهْ بِالعَشَّارِ لِئلّا تُدانَ مَعَ الفِرِّيسيّ"، ويُضيفُ قائلاً: "لا تَيْأَسْ، فإِنَّ أَحَدَ اللِّصَّينِ خَلُصَ، ولا تَغتَرَّ، فإِنَّ اللِّصَّ الآخَرَ هَلَكَ". إِذًا، يَجِبُ عَلَينا أَنْ نُصَلِّي مِثلَ العَشَّارِ أمامَ الله، مَصدَرِ "كُلِّ أُبوَّةٍ في السَّماءِ والأَرض" (أفسس 3: 15)، لأَنَّنا جَميعًا مُحتاجونَ إِلى رَحمَةِ اللهِ كُلَّ يَوم.



ب) تَجنُّبُ الاِحتِقارِ وَالحُكمِ على الآخَرين: يَدعُونا يَسوعُ لِلصَّلاةِ دونَ احتِقارِ الآخَرين، عالِمينَ أَنَّنا خُطاةٌ، لا نَفوقُ غَيرَنا في شَيء، كَما ادَّعى الفِرِّيسيّ. ظَنَّ أَنَّ اللهَ يُرضيهِ إِتمامُ الفَرائِضِ دونَ نَقاوَةِ القَلبِ وَاتِّضاعِهِ، فَرَأى أَنَّهُ أَفضَلُ مِن غَيرِهِ، دونَ أَنْ يَذكُرَ ضَعفَهُ أَو يُنَقِّيَ قَلبَهُ مِنَ الخَفايا. ومِن هُنا، فَكُلُّ مَن يَعتَبِرُ نَفسَهُ بارًّا، وَيَحتَقِرُ الآخَرين، يُصبِحُ فِرِّيسيًّا فاسِدًا وَمُرائيًا. ويُعلِّقُ البابا فرنسيس قائلاً: "إِنَّ الغُرورَ يُفسِدُ كُلَّ عَمَلٍ صالِح، وَيُفرِغُ الصَّلاةَ مِن مَعناها، وَيُبعِدُنا عَنِ اللهِ وَالآخَرين". فَالرَّبُّ "شَتَّتَ المُتَكَبِّرينَ في قُلوبِهِم... وَرَفَعَ الوُضَعاء" (لوقا 1: 51–52). وهذا المَثَلُ لا يَزالُ صالِحًا لِعَصرِنا؛ فَكَم مِن أُناسٍ يُشبِهونَ الفِرِّيسيّ في تَصَرُّفاتِهِم، يَفتَخِرونَ بِبِرِّهِم الذّاتِيّ، وَيَرَونَ أَنَّهُم أَفضَلُ مِن غَيرِهِم: في ثَقافَتِهِم وَعِلمِهِم، في أَموالِهِم وَمُمتَلَكاتِهِم، في جِنسِيَّتِهِم وَقومِيَّتِهِم، بل وفي اِنْتِمائِهِم السِّياسِيِّ والدِّينِيّ.



ج) التَّعلُّمُ مِنَ المَعلِّمِ الوَديع: يَدعُونا يَسوعُ أَنْ نَتَخَرَّجَ مِن مَدرَسَتِهِ، هُوَ الَّذي قالَ: "تَعلَّموا مِنِّي لأَنِّي وَديعٌ ومُتَواضِعُ القَلب" (متى 11: 29). فَالتَّواضُعُ، كَما يَقولُ القِدّيس أوغسطينوس، هو "عَلامَةُ المَسيح". لِنُصَلِّ إذًا مِثلَ العَشَّارِ، بِكُلِّ تَواضُعٍ، دونَ طَلَبٍ سِوى مَراحِمِ الله، قائلين:"اللَّهُمَّ ارْحَمْني أَنا الخاطِئ"، لأَنَّ "اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين" (1 بطرس 5: 5). وَيَجِدُ كَلامُ بُطرسَ الرَّسولِ صَدى في المَزامير: "دَعا بائِسٌ، فَسَمِعَهُ الرَّبّ، ومِن جَميعِ مَضايِقِهِ خَلَّصَه" (مزمور 34: 7). إِنَّ الغُفرانَ يَأتي مِن خِلالِ اِعتِرافِنا بِخَطايانا بِتَواضُعٍ، وَهُوَ شَرطٌ أَساسيٌّ لِدُخولِ مَلكوتِ السَّماوات.



د) التَّواضُعُ مَدخلُ الغُفرانِ والخَلاص: يَدعُونا يَسوعُ أَخيرًا في هذَا المَثَلِ أَنْ نَتَقَدَّمَ إِلَيهِ بِرُوحِ التَّواضُعِ وَالاِنسِحاقِ وَالنَّدَمِ وَالتَّوبَةِ عَنِ الخَطيئَة، طالِبِينَ المَغفِرَةَ الَّتي تَأتي كَهِبَةٍ مَجّانِيَّةٍ مِن الله، دونَ مُقابِلٍ مِنَ الإنسان، لأَنَّ المَسيحَ يَسوعَ قَد دَفَعَ ثَمَنَ هذَا الغُفرانِ بِدَمِهِ الغالِي الثَّمين: "قَد عَلِمتُم أَنَّكُم لم تُفتَدَوا بِالفاني، مِن فِضَّةٍ أَو ذَهَبٍ، مِن سيرَتِكُمُ الباطِلَةِ الَّتي وَرِثتُموها عَن آبائِكُم، بَل بِدَمٍ كَريمٍ، دَمِ الحَمَلِ الَّذي لا عَيبَ فيهِ ولا دَنَس، دَمِ المَسيح" (1 بطرس 1: 18–19). إنَّ مِثلَ الفِرِّيسيِّ والعَشَّارِ هو مِرآةٌ تُظهِرُ لنا طَريقَ الخَلاص: لا مَن يَرفَعُ نَفسَهُ يُبرَّر، بَل مَن يُوَضِعُها أمامَ الله. فَالتَّواضُعُ ليسَ ضَعفًا، بَل حَقيقَةُ القُوَّةِ الَّتي تَجذِبُ نِعمَةَ اللهِ إلى القَلبِ البَشَرِيّ، وَتُدخِلُه في مَسيرةِ التَّبريرِ وَالمَصالَحةِ وَالسَّلام.



هـ) دعوةٌ إلى صَلاةِ القَلبِ اليَوم: يَدعونا يسوعُ اليوم، كما دَعا العَشَّارَ بالأمس، إلى أن نَدخُلَ إلى حَضرَةِ اللهِ بِقَلبٍ صادِقٍ ومُتواضِعٍ، لا بِكَثْرَةِ الكَلِماتِ ولا بِتَظاهُرِ الأَعْمال، بَل بِصَلاةِ القَلبِ الَّتي تَنبُعُ مِن عُمقِ الإِحساسِ بِالحاجَةِ إلى الرَّحمَةِ الإلهيَّة. فالقُدّيس إفرام السُّرياني يقول: "قَلبٌ مُنسَحِقٌ أَفضَلُ مِن أَلفِ كَلِمَةٍ، وَتَنَهُّدٌ صادِقٌ يَبلُغُ السَّماءَ أَسرعَ مِن خُطَبِ المُتَكَبِّرين". فَصَلاةُ العَشَّارِ هِيَ نَفْسُها صَلاةُ القَلبِ الَّتي تُرَدَّدُ في الكنيسةِ الشَّرقيَّةِ مُنذُ القُدَم: "يا رَبِّي يَسوعَ المَسيح، ابنَ اللهِ الحَيّ، اِرحَمني أَنا الخاطِئ". هي صَلاةُ التَّائِبِ الَّذي يُريدُ أَنْ يَسكُنَ المَسيحُ في قَلبِهِ، وَيَتَحوَّلَ أنينُهُ إلى سَلام، وَدُموعُهُ إلى نِعمة، وَتَواضُعُهُ إلى مَجْدٍ إلهيّ.



تُعلِّمُنا هذه الصَّلاةُ أنَّ اللهَ لا يَطلُبُ مِنّا كَمالَ الألفاظ، بَل صِدقَ القَلب. فَكُلُّ مَن يَقرَعُ صَدرَهُ اليومَ في صَلاةٍ صادِقَةٍ، يَجِدُ الرَّبَّ فاتِحًا ذِراعَيْهِ لِيَقبَلَهُ، كَما قَبِلَ العَشَّارَ في الهَيكل. فِي بُيوتِنا، فِي العَملِ، فِي العائِلَةِ وَالخِدمَةِ، يَدعُونا الرَّبُّ إِلى تَبنِّي هذِهِ الصَّلاةِ البَسيطَةِ الدّاخِلِيَّةِ الَّتي تُجَدِّدُ نَبضَ الإيمانِ في القَلبِ وَتُحَوِّلُ كُلَّ لَحظَةٍ إلى لِقاءٍ معَ الله. طوبى لِمَن يَعرِفُ أَنَّهُ خاطِئ، لأَنَّهُ سَيُختَبَرُ بِرُّ اللهِ في حَياتِهِ
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قَدَّمَ لَنا يسوعُ مَثَلَ الفِرِّيسيِّ والعَشَّارِ واصِفًا نَهجَيْنِ مُختَلِفَيْنِ لِلحَياةِ
العِبْرَة مِن مَثل الوَكِيلُ الخَائِنُ
يُعطي الْمسيحُ مَثَلَ نوح
أسبسمس آدام عيد الختان
أسبسمس آدام - لـ صوم وأعياد الرسل


الساعة الآن 07:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025