![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|||||||
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() المُداوَمَةُ عَلَى الصَّلَاةِ لِلحِفَاظِ عَلَى الإِيمَانِ يَومَ المَجِيءِ الثَّانِي لِلمَسِيحِ (لوقا 18: 8) وَعَدَ اللهُ أَنْ يُنصِفَ مُخْتَارِيهِ، وَهُم يَنْتَظِرُونَ مَجِيءَ ابْنِهِ يَسُوعَ المَسِيحِ: "أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يُسْرِعُ إِلَى إِنْصَافِهِم" (لوقا 18: 8). وَيَتَسَاءَلُ صَاحِبُ المَزَامِيرِ: "أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الجِبَالِ، مِنْ أَيْنَ تَأْتِي نُصْرَتِي؟ نُصْرَتِي مِنْ عِندِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض" (مزمور 121: 1-2). وَيُذَكِّرُنَا هذَا المَزْمُورُ بِمَا فَعَلَهُ مُوسَى فِي رَفِيدِيم، حِينَ طَلَبَ مِنْ يَشُوعَ وَالشَّعْبِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى قِمَّةِ الجَبَلِ، حَيْثُ كَانَ رَافِعًا يَدَيْهِ فِي شَفَاعَةٍ دَائِمَةٍ مِنْ أَجْلِهِم، وَهُم يُحَارِبُونَ العَمَالِقَةَ، أعدائهم، الَّذِينَ يُحَاوِلُونَ عَرْقَلَةَ مَسِيرَةِ شَعْبِ اللهِ نَحْوَ أَرْضِ المِيعَادِ. وَهُنَا يَظْهَرُ دَوْرُ مُوسَى الجَوْهَرِيِّ، إِذْ يَسْتَمِدُّ قُوَّتَهُ مِنِ اتِّحَادِهِ بِاللَّهِ وَاتِّكَالِهِ الكَامِلِ عَلَيْهِ. مِنَ الوَهْمِ أَنْ نَعْتَقِدَ أَنَّنَا نَتَغَلَّبُ عَلَى أَعْدَائِنَا بِقُوَّتِنَا الذَّاتِيَّةِ، فَمُوسَى يَرْمُزُ إِلَى يَسُوعَ الَّذِي صَعِدَ إِلَى جَبَلِ الجُلْجُثَةِ، وَمَدَّ يَدَيْهِ عَلَى الصَّلِيبِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لِيَتَوَسَّطَ عَنَّا نَحْنُ البَشَرَ ضِدَّ العَدُوِّ الأَكْبَرِ، أَيْ الخَطِيئَةِ وَالمَوْتِ (راجع 1 قورنتس 15: 26). فَلْنَرْفَعْ أَعْيُنَنَا نَحْوَ الجِبَالِ، نَحْوَ الجُلْجُثَّةِ، كَمَا فَعَلَ شَعْبُ العَهْدِ القَدِيمِ وَالأَرْمَلَةُ الفَقِيرَةُ، مُقَدِّمِينَ شَكْوَانَا إِلَى اللهِ الَّذِي يَسْمَعُ وَيُنْصِفُ فِي زَمَانِهِ. "وَلَكِنْ، مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَفَتُرَاهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْض؟" (لوقا 18: 8). قَدْ يَتَأَخَّرُ مَجِيئُهُ، وَيَبْقَى المُؤْمِنُونَ فِي انْتِظَارٍ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ أسْئلة مُؤْلِمَةً: "حَتَّامَ، يَا أَيُّهَا السَّيِّدُ القُدُّوسُ الحَقّ، تُؤَخِّرُ الإِنْصَاف؟" (رؤيا 6: 10). هَلْ نَثْبُتُ حَتَّى النِّهَايَةِ؟ أَلَنْ نَتَفَتَّتَ أَمَامَ الشَّكِّ وَالمَآسِي؟ إِنَّ تَجْرِبَةَ التَّخَلِّي عَنِ الإِيمَانِ تَشْمَلُ كُلَّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، وَالمُخْتَارُونَ أَنْفُسُهُمْ يُجَرَّبُونَ فِيهَا. ضَمَانُهُمُ الوَحِيدُ هُوَ المُثَابَرَةُ عَلَى الصَّلَاةِ. فَاللهُ لا يَتْرُكُنَا مَا لَمْ نَتْرُكْهُ نَحْنُ. "فَلَا تَفْتُرُ هِمَّتُنَا" (2 قورنتس 4: 1). الإِيمَانُ، إِذًا، هُوَ مَسِيرَةُ جِهَادٍ دَائِمٍ وَمُسْتَمِرٍّ. فَإِذَا كَانَ الإِيمَانُ ضَرُورِيًّا لِطَلَبَاتِنَا، فَهُوَ أَيْضًا ضَرُورِيٌّ لِنَسْمَعَ جَوَابَ اللهِ. إِنْ لَمْ يَتَدَخَّلِ اللهُ فَوْرًا لِإِنْقَاذِ مُخْتَارِيهِ، فَلأَنَّهُ مُتَمَهِّلٌ عَلَى ظَالِمِيهِم، كَمَا قَالَ الرَّبُّ: "أَفَمَا يُنصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ الَّذِينَ يُنَادُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ يَتَمَهَّلُ فِي أَمْرِهِم؟". إِنْ كَانَ القَاضِي الظَّالِمُ قَدِ اسْتَجَابَ لِلأَرْمَلَةِ الفَقِيرَةِ مِنْ فَرْطِ إِلْحَاحِهَا، فَكَمْ بِالأَحْرَى اللهُ الأَبُ الصَّالِحُ الَّذِي يَدْعُونَهُ أَبْنَاؤُهُ نَهَارًا وَلَيْلًا؟ إِنَّهُ يَسْتَجِيبُ فِي الوَقْتِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا، وَيَتْرُكُنَا أَحْيَانًا لِنَتَنَقَّى كَالذَّهَبِ فِي البُوتَقَةِ. "عُدُّوا طُولَ أَنَاةِ رَبِّنَا وَسِيلَةً لِخَلاصِكُمْ" (2 بطرس 3: 15). كُلَّمَا أَطَلْنَا الصَّلَاةَ، نَقَفْنَا أَمَامَ اللهِ وَقْتًا أَطْوَلَ، فَيُصْلِحُ دَاخِلَنَا وَيَشْفِينَا. فَإِذَا كَانَ أَشَرُّ القُضَاةِ قَدِ اسْتَسْلَمَ أَمَامَ إِلْحَاحِ الأَرْمَلَةِ، أَفَلَا يُعْطِي اللهُ الآبُ أَبْنَاءَهُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَ؟ وَيَقُولُ أَفْرَامُ السُّرْيَانِيُّ:"إِنَّ الصَّلَاةَ المُسْتَمِرَّةَ تُحَوِّلُ الظُّلْمَ وَالشَّرَّ إِلَى رَحْمَةٍ". وَيُعَلِّقُ البَابَا فِرَنسِيس قَائِلًا: "إِنَّ اللهَ، مَحَبَّةً بِنَا، قَدْ يَسْمَحُ لَنَا أَنْ نَمْرَّ فِي دُرُوبٍ صَعْبَةٍ وَنُجَرَّبَ بِآلاَمٍ وَأَشْوَاكٍ، وَلَكِنَّهُ لا يَتْرُكُنَا أَبَدًا، بَلْ يَكُونُ مَعَنَا دَائِمًا، قَرِيبًا مِنَّا وَفِينَا. هذِهِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ رَجَاءٍ، بَلْ يَقِينٌ: اللهُ مَعِي" (مقابلة مع المؤمنين، 16 تشرين الأوّل 2019). "مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَفَتُرَاهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟" (لوقا 18: 8). الإِيمَانُ المَقْصُودُ هُنَا هُوَ إِيمَانُ المُثَابَرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا، إِيمَانُ الوَلاءِ لِلمَسِيحِ وَانْتِظَارُ مَجِيئِهِ. لِذَلِكَ يُوصِينَا الرَّبُّ أَنْ نُصَلِّيَ دَائِمًا بِإِيمَانٍ، لأَنَّ فِي الدَّاخِلِ شَهَوَاتٍ وَخَطَايَا، وَفِي الخَارِجِ أَعْدَاءٌ وَشَيَاطِينٌ. وَيُحَذِّرُنَا يَسُوعُ مِنْ أَنَّ مَحَبَّةَ كَثِيرِينَ سَتَبْرُدُ فِي نِهَايَةِ الأَزْمِنَةِ، وَيَكَادُ الإِيمَانُ يَخْتَفِي. "لا يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ، فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ارْتِدَادٌ عَنِ الإِيمَانِ..." (2 تسالونيقي 2: 3)."يَزْدَادُ الإِثْمُ، فَتَفْتُرُ المَحَبَّةُ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ" (متى 24: 12). سَتَتَكَاثَرُ تَيَّارَاتُ الكُفْرِ وَالإِلْحَادِ، وَتَزِيدُ المِحَنُ وَالمَصَائِبُ، وَيَضْعُفُ الإِيمَانُ، لِذَا يَجِبُ أَنْ نُضَاعِفَ الصَّلَاةَ. "فَلْيَطْلُبْهَا بِإِيمَانٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْتَابَ" (يعقوب 1: 6). فَحِينَ يَسْقُطُ الإِيمَانُ، تَبْطُلُ الصَّلَاةُ، لأَنَّهُ مَنْ يُصَلِّي لِمَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ؟ لذَلِكَ قَالَ الرَّسُولُ بُولُس: "كُلُّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَنَالُ الخَلاص" (رومة 10: 13). "كَيْفَ يَدْعُونَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟" (رومة 10: 14). وَيَقُولُ القِدِّيسُ أُوغُسطِينُوس:"حَتَّى نُصَلِّي، يَجِبُ أَنْ نُؤْمِنَ، وَلِكَيْلَا يَضْعُفَ الإِيمَانُ، يَجِبُ أَنْ نُصَلِّي". فَالإِيمَانُ يُغَذِّي الصَّلَاةَ، وَالصَّلَاةُ تُقَوِّي الإِيمَانَ. وَحَيْثُ يَكُونُ الإِيمَانُ مُعَرَّضًا لِلضَّعْفِ، يَجِبُ أَنْ نُصَلِّيَ بِلا مَلَلٍ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ: "قُومُوا فَصَلُّوا لِئَلَّا تَقَعُوا فِي التَّجْرِبَة" (لوقا 22: 46). إِنَّ التَّجْرِبَةَ تَشْتَدُّ بِضَعْفِ الإِيمَانِ، وَتَزُولُ بِنُمُوِّهِ. قَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ:"إِنَّ الشَّيْطَانَ طَلَبَكُمْ لِيُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ، وَلَكِنِّي دَعَوْتُ لَكَ أَلَّا تَفْقِدَ إِيمَانَكَ" (لوقا 22: 31-32). فَإِنْ كَانَ المَسِيحُ نَفْسُهُ يُصَلِّي لِيَحْمِيَ إِيمَانَنَا، أَفَلَا نُصَلِّي نَحْنُ أَيْضًا؟ "إِسْأَلُوا تَنَالُوا" (يوحنا 16: 24). إِذًا، الإِيمَانُ هُوَ تَسْلِيمٌ وَثِقَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالطَّرِيقُ الوَحِيدُ إِلَى اللهِ. "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ تَنَلِ الخَلاصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ" (أعمال 16: 31). فَالقُوَّةُ لَيْسَتْ فِي إِيمَانِنَا، بَلْ فِي صِحَّةِ الخَبَرِ الَّذِي نُصَدِّقُهُ. وَالسُّؤَالُ يَبْقَى مَطْرُوحًا: هَلْ سَيَجِدُ ابْنُ الإِنْسَانِ، مَتَى جَاءَ، هذَا الإِيمَانَ؟ هَلْ سَيَجِدُ أُنَاسًا يُصَلُّونَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَيَنْتَظِرُونَ بِرَجَاءٍ وَثِقَةٍ فِي عِنَايَةِ الآبِ الأَبَوِيَّةِ؟ فِي نِهَايَةِ الأَمْرِ، سَتُظْهِرُ دَيْنُونَةُ الرَّبِّ الأَخِيرَةُ أَنَّ عَدْلَ اللهِ يَنْتَصِرُ عَلَى كُلِّ ظُلْمٍ، وَأَنَّ مَحَبَّتَهُ أَقْوَى مِنَ المَوْتِ (نشيد الأناشيد 8: 6). "أُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ الرِّجَالُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، رَافِعِينَ أَيْدِيًا طَاهِرَةً، مِنْ غَيْرِ غَضَبٍ وَلا خِصَامٍ" (1 طيموتاوس 2: 8). |
|