![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الصَّلاةُ لَيْلَ نَهارٍ بِلَا مَلَلٍ (لوقا 18: 7) قالَ السَّيِّدُ المَسِيحُ: "أَفَما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونَهُ نَهارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ يَتَمَهَّلُ فِي أَمرِهِم؟" السُّؤالُ: كَيْفَ تَكونُ الْمُداوَمَةُ عَلَى الصَّلاةِ لَيْلَ نَهارٍ بِلَا مَلَلٍ اسْتِعْدادًا لِمَجِيءِ الرَّبِّ؟ إِنَّ الصَّلاةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَمَلٍ لِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَحَسْب، إِنَّمَا هِيَ حالَةٌ دائِمَةٌ لِلرُّوحِ. وَيُخْبِرُنا الرَّسُولُ بُولُس قائلًا: "أَقيموا كُلَّ حينٍ أَنْواعَ الصَّلاةِ وَالدُّعاءِ فِي الرُّوحِ" (أَفَسُس 6: 18)، أَي أَنَّ الصَّلاةَ لا تَكونُ فَقَطْ فِي الْخارِجِ بِالشِّفاهِ وَالْكَلِماتِ الْمَسْمُوعَةِ، بَلْ فِي الدّاخِلِ أَيْضًا، فَهِيَ عَمَلُ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ. بِهذَا يَكُونُ جَوْهَرُ الصَّلاةِ هُوَ رَفْعُ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ نَحْوَ اللهِ. وَمِنْ هُنا جاءَتْ تَوْصِيَةُ الرَّسُولِ بُولُس:"كُونوا فِي الرَّجاءِ فَرِحينَ، وَفِي الشِّدَّةِ صابِرينَ، وَعَلَى الصَّلاةِ مُواظِبينَ" (رُومَة 12: 12)، وَكَذلِكَ يُوصِي الرَّسُولُ عَدَمَ الْفُتورِ قائلًا:"لا تَفْتُرْ هِمَّتُكُم" (2 تِسالونيقِي 3: 11). الصَّلاةُ هِيَ الَّتِي تُعْطِينا تَعْزِيَةً وَقْتَ الضِّيقِ، وَتُعْطِينا ثَباتًا وَقْتَ الْفَرَحِ، حَتَّى لا نَنْجَرِفَ وَراءَ أَهْوائِنا وَنَنْسَى اللهَ. وَهذَا الاِتِّصالُ الدّائِمُ بِالرَّبِّ يَحْمِينا مِنْ كُلِّ مَحاوَلاتِ إِبْليسَ ضِدَّنا؛ فَإِنَّ إِبْليسَ إِذا وَجَدَ إِنْسانًا فِي حالَةِ صَلاةٍ دَائِمَةٍ لا يَسْتَطيعُ أَنْ يَصْنَعَ مَعَهُ شَيْئًا. لِذَا نَجِدُ أَنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ يَحُثُّنا دَوْمًا عَلَى أَنْ نَطْلُبَ مِنْهُ بِحَزْمٍ وَمِنْ دُونِ مَلَلٍ، كَما قالَ: "اِسأَلوا تُعطَوا، اُطلُبوا تَجِدوا، اِقرَعوا يُفْتَحْ لَكُم" (لوقا 11: 9)، وَتَابَعَ قائلًا: "فَإِذا كُنتُم أَنْتُمُ الأَشرارَ تَعْرِفونَ أَنْ تُعْطُوا الْعَطايا الصَّالِحَةَ لِأَبْنائِكُم، فَما أَوْلَى أَباكُمُ السَّماوِيَّ بِأَنْ يَهَبَ الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ" (لوقا 11: 13). وَيَطْلُبُ يَسُوعُ أَنْ نُصِرَّ عَلَى قَرْعِ الْبابِ بِاسْتِمْرارٍ، لأَنَّهُ وَعَدَ بِأَنْ يُعْطِيَ لِلَّذِينَ يَطْلُبُونَ وَيُصِرُّونَ وَيَقْرَعُونَ الْبابَ، وَلَيْسَ لِلَّذِينَ لا يَطْلُبُونَ. هُوَ يُريدُ أَنْ يُعْطِيَنا الْحَياةَ الأَبَدِيَّةَ عَبْرَ صَلاتِنا وَمُناجاتِنا وَمَحَبَّتِنا لَهُ. يَحُثُّ يَسُوعُ عَلَى الصَّلاةِ مِنْ غَيْرِ مَلَلٍ. جَميعُنا نَخْتَبِرُ لَحَظاتِ تَعَبٍ وَإِحْباطٍ، لا سِيَّما عِنْدَما تَبْدو صَلاتُنا غَيْرَ فَعّالَةٍ، لَكِنَّ يَسُوعَ يُؤَكِّدُ لَنا أَنَّهُ –عَلَى عَكْسِ الْقاضِي الْمُنافِقِ – يُسْرِعُ اللهُ إِلَى إِنْصافِ أَبْنائِهِ، حَتّى وَإِنْ كانَ ذلِكَ لا يَتِمُّ فِي الأَوْقاتِ وَالأُسْلوبِ الَّذِي نُريدُهُ. وَيَتَّضِحُ مِنْ هذَا كُلِّهِ أَنَّ الصَّلاةَ الدّائِمَةَ لَيْسَتْ أَمْرًا عارِضًا، بَلْ إِنَّها سِمَةٌ أَساسِيَّةٌ لِلرُّوحِ الْمَسِيحِيَّةِ، حَيْثُ إِنَّ حَياةَ الْمَسِيحِيِّ – بِحَسَبِ الرَّسُولِ – "مُحْتَجِبَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ" (قُولُسِّي 3: 3). إِنَّهُ واجِبٌ عَلَى الْمَسِيحِيِّ أَنْ يَعيشَ فِي اللهِ عَلَى الدَّوامِ بِكُلِّ فِكْرِهِ وَمَشاعِرِهِ، وَأَنْ يَحْيا فِي مَوْقِفٍ مِنَ الْعَوَزِ وَالإِلْحاحِ كَمِثْلِ الأَرْمَلَةِ، وَإِذْ يَفْعَلُ ذلِكَ إِنَّما يُصَلِّي بِلا انْقِطاعٍ! يُعَلِّمُنا الرَّسُولُ بُولُس أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَسِيحِيٍّ يُصَلِّي بِلا انْقِطاعٍ، إِذْ يَقُولُ: «أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَأَنَّ رُوحَ اللهِ حالٌّ فِيكُمْ؟» (1 قُورِنْتُس 3: 16). فَهذَا الرُّوحُ دَائِمًا حالٌّ فِيهِ، وَيَشْفَعُ فِيهِ، مُصَلِّيًا فِي دَاخِلِهِ "بِأَنّاتٍ لا تُوصَفُ" (رُومَة 8: 26)، وَهكَذَا يُعَلِّمُهُ كَيْفَ يُصَلِّي بِلا انْقِطاعٍ. وَيُوضِحُ الْقِدِّيسُ بَاسِيلْيُوس الْكَبِيرُ كَيْفَ اسْتَطاعَ الرُّسُلُ أَنْ يُصَلّوا بِلا انْقِطاعٍ قائلًا:"إِنَّهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، كَانُوا يُفَكِّرُونَ فِي اللهِ، عائشِينَ فِي تَكْرِيسٍ دائِمٍ لِلهِ، وَفِي هذِهِ الْحالَةِ الرُّوحِيَّةِ كانَتْ صَلاتُهُم بِلا انْقِطاعٍ". إِنَّ اللهَ يُريدُ مِنَّا الصَّلاةَ، لا كَتَأْدِيَةِ وَاجِبٍ فَحَسْب، بَلْ كَـجِهادٍ مُتَواصِلٍ. أَلَمْ يَقُلِ الْمَسِيحُ:" فَمُنْذُ أَيَّامِ يُوحَنّا الْمَعْمَدانِ إِلَى الْيَوْمِ مَلَكُوتُ السَّماواتِ يُؤْخَذُ بِالْجِهادِ، وَالْمُجاهِدُونَ يَخْتَطِفُونَهُ" (مَتّى 11: 12). وَكانَتْ صَلاةُ مُوسى النَّبِيِّ عَلَى قِمَّةِ الْجَبَلِ، عِنْدَما حارَبَ بَنُو إِسْرائيلَ الْعَمالِقَ فِي رَفيدِيم، مِثالًا فِي الثَّباتِ عَلَى الصَّلاةِ. فَبِصَلاتِهِ أَصْبَحَ الشَّفِيعَ لِشَعْبِهِ؛ فَكانَ شَعْبُهُ يَغْلِبُ عِنْدَما يَرْفَعُ مُوسى ذِراعَيْهِ إِلَى الصَّلاةِ، وَهكَذَا تَمَكَّنَ الشَّعْبُ مِنَ النَّصْرِ، لا بِقُوَّةِ السِّلاحِ، بَلْ بِقُوَّةِ الصَّلاةِ، قُوَّةِ الأَيْدِي الْمَفْتُوحَةِ (الْخُرُوج 17: 8–13). أَنْ نُصَلِّيَ، يَعْنِي أَنْ نَعيشَ بِأَيْدٍ مَفْتُوحَةٍ صَارِخِينَ إِلَى اللهِ: "حَياتُنا لَيْسَتْ مِلْكَنَا، إِنَّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ". أَنْ نُصَلِّيَ يَعْنِي: أَنْ نَعيشَ مَوْقِفَ الاسْتِسْلامِ بَيْنَ يَدَيْ اللهِ، أَنْ نَفْتَحَ أَيْدِينا لِنَدَعَهُ هُوَ يُخاضُ الْمَعْرَكَةَ بَدَلًا مِنْ أَنْ نَسْتَعْمِلَ أَسْلِحَتَنا الْخاصَّةَ. تَنْمو شَخْصِيَّتُنا وَإِيمانُنا وَرَجاؤُنا مِنْ إِلْحاحِنا فِي الصَّلاةِ، كَما جاءَ فِي تَعْليمِ الرَّسُولِ بُولُس: "لِذلِكَ نُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ دائِمًا، عَسى أَنْ يَجْعَلَكُمْ إِلهُنا أَهْلًا لِدَعْوَتِهِ، وَأَنْ يُتِمَّ بِقُدْرَتِهِ كُلَّ رَغْبَةٍ فِي الصَّلاحِ وَكُلَّ نَشاطِ إِيمانٍ" (2 تِسالونيقِي 1: 11). إِنَّ الْمُثابَرَةَ وَالإِلْحاحَ فِي الصَّلاةِ تَصْنَعانِ الْكَثيرَ مِنْ أَجْلِ تَغْيِيرِ عُقُولِنا وَتَجْدِيدِ قُلُوبِنا فَمِنَ الْمُفِيدِ أَنْ نُصَلِّيَ كَما لَوْ أَنَّ الاسْتِجابَةَ تَعْتَمِدُ عَلَى صَلاتِنا، وَإِنْ كُنّا وَاثِقينَ أَنَّ الاسْتِجابَةَ تَعْتَمِدُ عَلَى اللهِ. |
![]() |
|