![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لكنها لا تستطيع أن تُغرق القلوب المخلصة في ولاية فيراكروز الساحلية بالمكسيك، عاش دون لايو ورفيقة عمره دونيا إيلو. كانا زوجين بسيطين، يعرفهما الجميع في القرية بابتسامتهما الدافئة وبيتهما الصغير المطل على البحر. بيديه التي خَشُنَت من ملوحة الماء وبرده، بنى دون لايو منزله، لوحًا بعد لوح، مسمارًا بعد مسمار. كل زاويةٍ فيه كانت تحمل ذكرى، وكل جدارٍ يروي حكاية حبٍ امتدت لعقودٍ طويلة. كانت إيلو تنتظره كل مساء على الشرفة، تلوّح له حين تلمح قاربه يقترب من الشاطئ. كان البحر مصدر رزقهما، وشاهد حبهما، وصديقهما القديم… لكنه كان أيضًا عدوهما الذي لا يُؤمَن غضبه. وفي أحد الأيام الممطرة، حين هبّت العاصفة على فيراكروز، بدأ الماء يرتفع ببطءٍ مخـيف. لم يفكر دون لايو في منزله الذي تعب في بنائه، ولا في ممتلكاته التي كانت تغرق أمام عينيه… كل ما فكر فيه كان هي. أمسك بيدها بقوةٍ بينما كانت المياه تندفع بجنون، تجرف معها الأغصان والحجارة وأجزاء من بيتهما الذي كان يومًا فخره. قال بصوتٍ يرتجف من الخوف والحب: "تمسكي بي يا إيلو، أنا هنا… لن أدعك تغر*قين." لكن السيل كان أقوى من وعده. وفي لحظةٍ خاطفة، انفلتت يدها من يده. صرخ باسمها وهو يسبح وسط الطين والحطام، بحث عنها بعينين يملؤهما الذ*عر، حتى صاح أحد الجيران: "انظر هناك! إنها هناك!" التفت، فرأى أعظم مشهد في حياته: كانت إيلو متشبثة بصندوقٍ أبيض لمكيّف هواء، تحاول البقاء فوق سطح الماء بينما التيار يدفعها بعيدًا. اندفع نحوها بكل ما بقي له من قوة، ويداه تنزفان من الجروح. ولما وصل إليها، سحبها ووضعها على الصندوق، ثم أخذ يفرك ساقيها المرتجفتين من البرد. بعد دقائق، وصلت قوارب الإنقاذ في فيراكروز، وانتشلهما رجال النجدة وسط المياه المتلاطمة. عندما التفت دون لايو إلى الخلف، رأى منزله وقد اختفى بالكامل، كأن البحر ابتلعه. لكن عندما نظر إلى إيلو المبتسمة التي تمسك بيده، فهم أن بيته الحقيقي لم يُدمَّر… فهو قائم في قلبها، وفي هذا الحب الذي قاوم الموت نفسه. لقد فقدا كل ما هو مادي، لكنهما ربحا ما هو أثمن: الحب، والإنسانية، وفرصة أن يبدآ من جديد. فالحياة في فيراكروز قد تُغرق المنازل… لكنها لا تستطيع أن تُغرق القلوب المخلصة |
|