يُعَدّ تَعدُّد المهام واحداً من أبرز أسباب تشتت الانتباه لدى أفراد الجيل الصاعد، في دراسةٍ أجراها ثلاثة باحثين قُسِّم 100 طالبٍ جامعيٍّ إلى مجموعتين ضمَّت الأولى أشخاصاً يمارسون الكثير من المهام المتعددة وضمَّت الثانية أشخاصاً يمارسون مهاماً متعددةً لكن بشكلٍ معتدل، وكانت المهام التي يؤديها أفراد كِلا المجموعتين ذات طبيعةٍ تكنولوجية لها علاقة بأمور مثل الإنترنت والوثائق الإلكترونية وإرسال الرسائل النصية وغيرها. طُلب من أفراد المجموعتين تركيز الانتباه على مشكلةٍ معيَّنةٍ وعُرِّضوا في الوقت نفسه إلى الكثير من مصادر تشتيت الانتباه.
توقع الباحثون أن يتحلّى الأشخاص الذين يمارسون الكثير من المهام المتعددة بقدرةٍ أكبر على تركيز الانتباه على المشكلة التي طُلب منهم التعامل معها على الرغم من كثرة مصادر تشتيت الانتباه التي تحيط بهم، إذ إنَّهم معتادون أكثر من غيرهم على تشتت الانتباه. لكنَّ المفاجئة كانت أنَّ الأشخاص الذين يمارسون القليل من المهام المتعددة تمكنوا من تركيز الانتباه بشكلٍ أفضل.
لقد صُمِّمَت عقول البشر لتركيز الاهتمام على مَهمةٍ واحدةٍ، وحينما تؤدي أكثر من مَهمةٍ فإنَّك بشكلٍ أساسيٍّ تنقل اهتمامك بين تلك المهام، وهذا يُعَدُّ من أبرز أسباب تشتت الانتباه. يمكنك أن تؤدي أكثر من مَهمةٍ في الوقت نفسه بكلّ تأكيدٍ لكنَّك لا تستطيع أن تركز اهتمامك إلَّا على مَهمةٍ واحدة، وإنجاز المهام لا يكون إلَّا من خلال تركيز الاهتمام عليها.
يُعَدُّ تَعَدُّد المهام في الأساس شكلاً من أشكال تشتت الانتباه الشديد حيث يتشتت انتباهك كلّ بضع دقائق وأنت تنتقل من مهمةٍ إلى أخرى. حينما تقرأ وتتصفح الإنترنت بشكلٍ متقطِّع مدة ساعة فإنَّ الإنجاز الذي تحققه سيكون أقلّ بكثيرٍ من الذي كنت ستحققه لو أنَّك أدَّيت مهمةً تلو الأخرى خلال المدة نفسها.