![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ثُمَّ قالَ لآخَر: وأَنتَ كم عَليكَ؟ قال: مِائةُ كَيْلٍ قَمحاً. "صَكّ" " تُشيرُ إلى الوَثيقَةِ الخَطِّيَّة الَّتي تُثبِتُ الدَّين، "اكتُب ثَمانين": بعد أن خفَّضَ الوكيلُ الخائنُ دينَ مَدينِ الزيت، التَفَتَ إلى المَدينِ الثّاني، الّذي كانَ يَدِينُ لسيِّدِه مِائةَ كُرٍّ قَمحٍ (أي نحو 45,000 لترًا). وهُنا قالَ له: "خُذ صَكَّكَ واكتُب ثَمانين"، أي قَلَّل الدَّينَ إلى 80 كُرًّا (36,000 لتر). وبذلك أسقَطَ عنه خُمسَ الدَّين (20%)، في محاولةٍ أُخرى لِكسبِ وُدِّه وتَأمينِ مَكانٍ له عنده في المُستَقبل. لم يكُن للوكيلِ أيّ حَقّ في تَغييرِ الصُّكوك، فوظيفتُهُ تقتَصِرُ على حِفظِ أموالِ سيِّدِه وضَمانِ حُقوقِه. لكنّه بِهذا التَّلاعُب خَسَّرَ سَيِّدَهُ مَبلغًا ضَخمًا مِن القَمح، في المُقابِل ربِحَ لنفسِه أصدقاءَ جُدُدًا. وهو تَصرُّف يَجمعُ بين الذكاء البشريّ والخِيانة الأخلاقيّة. الـ"ثمانون" هُنا يُمكِن أن تُفهَمَ رمزيًّا على أنَّها نقصان عن الكَمال (100). فهي تُشيرُ إلى أنَّ مَن يَتلاعَبُ بالأمانَةِ لا يَبلُغُ الكَمال، بل يَبقى ناقصًا ومَكشوفًا. وفي المقابِل، الكمالُ هو في الأمانة المُطلَقة لله، لا في المراوَغَة البشريّة. في هذا التَّصرُّف يَظهر مَثَلٌ قويّ: مَن يخون في الكَثير إنّما بَدأ أوّلًا بالخِيانَة في القَليل (راجع لوقا 16: 10). إنَّ الخَطيئةَ لا تَقفُ عند حَدٍّ، بل تُولِّدُ خطيئةً أُخرى، فَتَجرُّ صاحِبَها إلى سَلسلةٍ مِن السُّقوط. وفي المُقابِل، يَدعونا المسيحُ إلى أن نَكونَ أُمناء في القَليل لِنُستَؤمَنَ على الكَثير. ويدل يسوع هنا من خلال هذه الآية على البُعد الرُّوحيّ، وهي إسقاطُ الوَكيلِ مِقدارًا مِن الدُّيون عَن المَدينين، بِتَغييرِ الصُّكوك، يُظهِرُ أنَّهُ بَدَلَ أن يُحافِظَ على حُقوقِ سَيِّدِه، اختارَ أن يُؤمِّنَ مَنفَعَتَهُ الخاصَّة. وهُو يَرمُزُ في الحَياةِ الرُّوحيَّة إلى أنَّ كُلَّ إنسانٍ سَيُسألُ يَومًا عَن "الصُّكّ" الَّذي بين يَدَيه، أي عَن أمانَتِه في ما استُؤمِنَ علَيه. |
|